انفلات احتفالي شهدته الفضائيات التونسية ليلة رأس السنة جمع بين الفوضى والتهريج وتنافس يخلو من الحرفية ويفتقر الى النفس الابداعي فغلبت السذاجة والمواقف الهزيلة على تلك الفضائيات التلفزية. مشهد تكرر من «بلاتو» الى آخر وجوه مستهلكة وتداخل بين الجرأة واللغة السوقية المبتذلة... اعتادها المشاهد في المنابر التلفزية التونسية التي أرادت أن تسلك الطريق السهل لشدّ بعض النفوس الضعيفة التي تستهويها المشاحنات والمواقف الساذجة والحوارات الهابطة...
وكانت الانتظارات مختلفة ليلة رأس السنة فكان من المتوقع أن تتخلّى الفضائيات التونسية عن تلك الوجوه السياسية المستهلكة التي ملّها المشاهد التونسي وعن تلك الاحتفالات التقليدية التي تجاوزها الزمن لكن سقطت كل القنوات التونسية في فخّ الرقص على إيقاع الطبلة والبندير واختلط الحابل بالنابل، وبين الرياضي والسياسي والفنّان رابط متين تسقط الأقنعة حين يحضر المزمار والبندير فيكشف التعبير الجسماني عن هوية من اختارتهم تلك القنوات لملء فراغاتها، والضحك على الذقون.
لكن ما خفي عن مؤثّثي سهرات رأس السنة على الفضائيات التونسية أنهم من كانوا أصحاب تلك الذقون وأكّدوا أنهم لا يصلحون الا لفضاءات الرقص والحوارات الساذجة... من خيّر الجلوس أمام الشاشات التونسية في ليلة رأس السنة أصيب بالغثيان واصطدم بواقع لن نحسد عليه لعينة من الرياضي والفنان والسياسي والمنشط التونسي. هذه السهرات خلت من أيّ تصوّر حرفيّ حتى أن ما استهلك من المرطبات ومن تجميل المنشطات والحاضرات حظي بأكثر أهمية من اعداد تلك السهرات.
ونحن نتحدّث عن الفضائيات التونسية نتساءل متى تتخلّص تلك القنوات من فكرة شدّ المشاهد بالعراك والألفاظ النابية والحوارات الهابطة التي أصبح بطلها البحري الجلاصي وغيره.