تعدّدت عناوينها واختلفت فضاءاتها وتنوّعت ديكوراتها.. وبقي مضمونها واحدا. منشط أو منشطة، ضيف او ضيوف وجمهور ليكتمل المشهد. ويعلن عن منوّعة تلفزية على إحدى الفضائيات التونسية. هذه المنوعات التي اختارت لنفسها اوقات الذروة متى يكون المشاهد التونسي محتاجا لقضاء بعض الوقت أمام التلفزة التونسية أرادت ان تؤثث سهرات نهاية الأسبوع وأيام العطل حتى تضمن أكبر عدد ممكن من الجمهور لكن للأسف خرجت عن النص وحادت عن الطريق وباتت تقدّم مادة مكررة مستهلكة خالية من كل مضمون بعيدة عن كل الغايات التي انتظرها المشاهد ... هكذا هي المنوّعات التلفزية على الفضائيات التونسية فمن المسؤول عن أزمتها وتردّي صورتها؟ منشطون واعلاميون يحللون. رقص و«غناء»..! «موزيكا وفرجة» و«كوكتال الأحد» و«السهرية».. عناوين لمنوعات تلفزية تونسية توحي لنا بالكثير بل أنها تتضمن أبعادا مثقلة بالمضامين الدسمة التي قد تقدّم للمشاهد ما يحتاج اليه.. لكن وعلى عكس ما ينتظره المشاهد البسيط والمثقف والفنان من صدق في الخطاب وحرية في تناول المواضيع الاجتماعية والثقافية وتقديم مادة تجمع بين التثقيف والترفيه وإعطاء الفرصة للمشاهد حتى يستمتع ويستنفع.. تأتي المنوّعات التونسية وفي جانب كبير منها أداة مستهلكة مكررة مستوردة مقلدة خالية من كل جانب ابداعي لا مجال للاجتهاد في مضامينها وكأن بمنشطي هذه المنوّعات يحاولون تمضية الوقت وتعبئة مساحة من الزمن على هذه الشاشات على حساب المشاهد الذي وضع ثقته في تلك الفضائيات التي باتت توفّر مادة من الرقص والغناء و«الشطيح والرديح» على حدّ تعبير الاعلامي الحبيب جغام، الذي كان له رأي في هذا الموضوع وقد أفادنا ان الأزمة اليوم تكمن في ان الفكرة المترسخة عند جل الناس وهي فكرة مغلوطة ان هذه المنوّعات تقوم فقط على الرقص والغناء الهابط لا غير، وفي رأيه يضيف الحبيب جغام أنها في الاصل يجب ان تشمل مادة ثقافية وتهتم بشواغل الناس.. «الغناء متوفر كامل اليوم لماذا لا نستمع الى أشياء أخرى؟» يضيف جغام لماذا لا نشاهد في هذه المنوّعات علماء ومبدعين ومؤرخين وكتّاب؟ منوّعاتنا مكررة ومواضيعها مستهلكة فلابدّ من إعادة صياغة الفكرة وعدم السقوط في التهريج مما أفسد الذوق العام.. وعن منوّعات الأمس ومنوّعات اليوم يقول الاعلامي الحبيب جغام لا مجال للمقارنة ولكل زمن انتاجه ومنشطيه ولو كان نجيب الخطاب وصالح جغام في هذا الزمن لما استطاعا انتاج مادة دسمة مثل التي انتجاها قديما لأن الظرف تغيّر لكن ما أريد التأكيد عليه يختم جغام لابدّ للمنشط اليوم ان يكون لديه نيّة من الوعي الثقافي لتقديم الأفضل هناك.. أشياء لابدّ من رميها في سلّة المهملات.. وليعلم الجميع ان المنشط ليس «هبّاط» في السوق. أزمة المضمون أزمة المنوعات التلفزية على الفضائيات التونسية تبدأ بالمضمون وتنتهي بالمنشط، أداء متواضع وتنشيط هزيل خال من تعدد الاراء والتصورات تناول الأحداث برؤية نمطية أحادية وكأن بهذه المنوعات تحاول الاستهتار بالذوق العام. أزمة إمكانيات المنشط علاء الشابي وقد كانت له تجارب مع هذه المنوعات يقول إن المنشط «مسكين» لأن الأزمة تكمن بالأساس في الإمكانيات التي تفتقدها التلفزة التونسية المنشط يجد نفسه مضطرا لاستضافة فنان ومحاورته يضيف علاء الشابي لكن لا بد هنا من الاجتهاد وللأسف يصطدم المنشط بقلّة الإنتاج وضيق السوق وفقر الساحة وهو ما يعاني منه الفنان اليوم أما عن المنوعات التي نجحت في السابق مثل التي قدمها حاتم بن عمارة وهالة الركبي ونجيب الخطاب يؤكد علاء أن مرد ذاك النجاح قلّة الفضائيات في حين اليوم الأمور اختلفت والمتلقي أصبح يشاهد بعين «كبيرة» بذلك أعيدها وأكررها انتهى زمن اللونين وحل محله زمن الألوان لا بد من النسج على منوال الغرب لأنهم سبقونا بعقود وتجاربهم أصبحت المثال لدينا. استهتار أزمة ساهمت فيها العديد من الثنائيات من بينها ثنائية الضيف والمنشط التي أفسدت طعم هذه المنوعات فتحول الخطاب إلى لغة خشبية ركيكة وسادت ذهنية الجمود والركود والبحث عن الراحة. وغاب الطموح والحماس والقدرة على الاستفزاز والتحكم وإن كانت الأسباب مقنعة للبعض كتعدد الفضائيات وكثرة المادة الإعلامية إلا أن هذا لن يعطي الحق لهؤلاء المنشطين الذين تحولوا إلى «بباغاوات» يكررون أنفسهم ويساهمون في إفساد الذوق العام والاستهتار بالمشاهد والتعامل معه كمتخلف يستهلك دون تفكير فلا بدّ من البحث في جذور هذه الأزمة وليس في إفرازاتها. ولا بدّ من النظر في دور هذه المنوّعات والتساؤل عمن يحدد هذا الدور حتى يتجاوز المخرج والمنشط والمعد هذه الأخطاء التي باتت تشكّل خطرا على ذوق المشاهد التونسي والسعي إلى إنتاج مادة إعلامية ترتقي إلى المستوى الذي وصلت إليه المنوعات العالمية.