بعد النقص الكبير الذي تعرفة بلادنا في مادة الحليب والتي لم ينجح حتى التوريد في تغطيته وجب التساؤل عن أسباب تدني الانتاج إلى هذا الحد خاصة بمنطقة الوطن القبلى التي توجد بها أكبر مركزيات تجميع الحليب بالبلاد وكانت لفترة قريبة توفر 23 بالمائة تقريبا من الانتاج الوطني للحليب. وبالنظر في أسباب تقلص الانتاج تؤكد المصالح المختصة بالمندوبية الجهوية للفلاحة أن أهمها هو عزوف صغار المربين عن تربية الأبقار لعديد الاعتبارات أهمها السرقة حيث نشطت في السنوات الأخيرة العصابات المتخصصة في سرقة المواشي ولم يسلم من أذاها صغار الفلاحين الذين تسببت عمليات السرقة في زيادة افلاسهم.
العامل الثاني الذي جعل اسطبلات مربي الأبقار فارغة هو غلاء الأعلاف خاصة مادة «السداري» بالاضافة إلى تكلفة الرعاية الصحية لهذه الحيوانات نظرا لأن الأبقار كائنات حساسة تحتاج إلى الرعاية البيطرية المتواصلة من تلقيح ومداواة وتحتاج إلى انتظام في نظام غذائها ليكون انتاجها اليومي من الحليب مستقر، وأضافت أن انتاج البقرة الواحدة من الحليب يوميا لا يغطي نفقات غذائها خاصة في الفصول الجافة. كذلك تربية الأبقار يحتاج إلى امكانيات مادية كبيرة نظرا للارتفاع المتواصل لاثمان الماشية فالبقرة الحلوب الجيدة يتجاوز ثمنها 3000 دينار والمربي لا يحقق ارباحا اذا امتلك فقط بقرة أو اثنتين.
فهذا النوع من النشاط الفلاحي يتطلب استثمارات هامة لهذا لم يعد يتوجه اليه صغار الفلاحين بجهة الوطن القبلى الذين يخيرون الابتعاد الكلي عن تربية الماشية لكل الأسباب التي ذكرت مما طرح أيضا نقصا في أضاحي العيد هذه السنة.
لهذا وجب تدخل الهياكل المختصة لوزارة الفلاحة ووضع خطة عمل تهدف إلى تحفيز الاستثمار الفلاحي في هذا المجال بالاضافة إلى مراجعة أثمان الأعلاف واقتراح لجان خاصة تقدم خدمات بيطرية مجانية للفلاحين وتسهيل حصولهم على القروض الصغرى.