خلقت نهائيات كأس افريقيا للامم التي تحتضنها بلادنا منذ يوم جانفي المنقضي حركية تجارية واقتصادية شملت عديد القطاعات وساهمت في انتعاشة التجارة الصغرى والسياحة والمطاعم والمقاهي والنقل. وحسب الشهادات والملاحظات التي تم رصدها في العاصمة وسوسةوصفاقسوبنزرتوالمنستير فإن التظاهرة الرياضية الافريقية وإضافة الى تنشيطها عدة قطاعات انتاجية عرّفت بالمطبخ التونسي وجعلت الافارقة يقبلون على عديد العادات الغذائية والاستهلاكية التونسية. ولم تخف مصادر من وزارة السياحة والصناعات التقليدية تأثير كأس افريقيا للامم الايجابي على نسبة امتلاء الفنادق وخاصة في سوسةوالمنستير وبدرجة أقل صفاقس في ما استفادت الفنادق غير المصنفة أو ذات نجمة أو نجمتين فقط في العاصمة. ولوحظ أن أعدادا من الافارقة وخاصة من الجزائريين والمغاربة المقيمين بأوروبا حلّوا بتونس عل متن البواخر والطائرات التونسية وأن معظمهم أقام بنزل من صنف ثلاث أو أربع نجوم. حركية خاصة وفي العاصمة تحركت الانشطة الخدماتية وخاصة المقاهي ومراكز الاتصالات والمطاعم الشعبية وبدرجة أقل محلات الملابس الموجودة في الاسواق والتي تختص في بيع بعض المنتوجات المقلّدة وخاصة سراويل الجينز. وحسب بعض أصحاب المحلات المفتوحة للعموم فإن الافارقة أعجبوا بالمأكولات التونسية وخاصة الدجاج المصلي (ربع دجاجة) إذ رأوا أن سعره ملائم. وفي المقاهي لوحظ الاقبال على الشاي الاخضر وتدخين النارجيلة (الشيشة) التي تعد اكتشافا للشبان الافارقة. واستفادت مراكز الاتصالات (تاكسيفون) من قدوم أعداد هامة من الشبان الافارقة الذين ينفقون مبالغ هامة للاتصال ببلدانهم وخاصة قبيل المباريات وبعدها لتقديم الاخبار والتعاليق إضافة الى طمأنة العائلات. وذكرت مصادر مسؤولة أن التظاهرة أنعشت الفنادق غير المصنفة التي أصبح العثور على سرير شاغر فيها أمرا نادرا لانخفاض معاليم الاقامة بها باعتبارها قريبة من قلب العاصمة ومحطات النقل. الهواتف الجوالة وفي مدينة صفاقس فإن تجارة الهواتف الجوالة عرفت انتعاشة كبيرة إذ بدا أن المواطنين الافارقة لاحظوا أن أسعار الهواتف رخيصة مقارنة بما هو متوفر في بلدانهم. كما خير الكثيرون الاشتراك في خدمات الهاتف المسبق الدفع لدى المزوّد الثاني لقناعتهم بأن ذلك أفضل من التردد على محلات التاكسيفون. وحسب السيد محمد عبد الكافي مدير أحد النزل بصفاقس فإن التظاهرة الافريقية أنعشت الفنادق ذات النجمتين والثلاث نجوم لمعقولية أسعار الاقامة بها. كما تحركت دواليب المطاعم الشعبية ومحلات الملابس الجاهزة والمقاهي في ما لم تستفد «التاكسيات» لقرب الملعب من وسط المدينة. كسكروت الحمص واشتهرت مدينة بنزرت دون مدن الجمهورية ببيع «كسكروت الحمص» الذي يوازي صحفة اللبلابي المنتشرة في كامل الجهات. وحسب باعة هذا المنتوج فإنهم وقفوا على الاقبال الكبير لمشجعي المنتخبين الرواندي والكيني على «كسكروت الحمص» إذ يلتهم الفرد الواحد منهم كسكروتين على الاقل. وفي أسواق مدينة بنزرت وخاصة المحلات المختصة في الصناعات التقليدية أقبل بعض مرافقي الفريق السينغالي على شراء الطبول وآلات النفخ (المزود) لاعتمادها في تنشيط الملاعب خاصة وأن أسعارها بدت مناسبة لانها تباع في غير مواسمها المعتادة أي أشهر الصيف التي تكثر فيها حفلات الاعراس وغيرها من المناسبات العامة. وحسب أحد تجار المدينة الذي التقاه مراسلنا فإنه تمكن من بيع طبلا ومجموعة من المزامير خلال الايام الماضية اضافة الى المنتوجات الخزفية. كما تحركت سيارات «التاكسي» إذ فضل العديد من الافارقة التجول على طول كورنيش مدينة بنزرت الممتد على أكثر من أربعة كيلومترات. كما انتعشت حركة المقاهي وحملات الحلويات والمرطبات وتجارة الهواتف الجوالة والبطاقات الهاتفية. وعاشت مدينة سوسة أجواء خاصة صنعها بالاساس الجزائريون الذين توافدوا عليها بأعداد كبيرة جدا وتواجدوا في الشوارع والاسواق والنزل والمقاهي والمطاعم. وأكد صاحب نزل بوسط مدينة سوسة أن فندقه امتلأ بالاشقاء الجزائريين نظرا لموقعه واعتدال أسعاره إذ أن ضيوف الدورة ومتتبعيها يميلون الى النزل الاقل كلفة والاقرب الى المحلات والاسواق. أما السيد المولدي خ مدير مطعم كائن بوسط مدينة سوسة فقد صرح للشروق أن كل المطاعم الموجودة في الشوارع الرئيسية قد استقطبت أعدادا كبيرة من الاشقاء الجزائريين الذين يميلون لكل الاكلات التونسية الشعبية. أسواق مدينة سوسة وخصوصا أسواق المدينة العتيقة هي بدورها عرفت توافد أعداد كبيرة من الضيوف الجزائريين وكان إقبالهم خصوصا على الملابس الجاهزة والجلدية والاقمشة. التسوّق يتأجل وفي المنستير كان مرور المصريين وأحباء منتخب جنوب افريقيا عرضيا بحكم اقامة المنتخبين المصري والجنوب افريقي وأنصارهما بسوسةوصفاقس. وهو ما جعل عملية التسوق والانخراط في الدورة الاقتصادية يكون محتشما إن لم نقل منعدما. بقى أحباء المنتخبات المغربية والكامرونية والنيجيرية والتي لعبت أكثر من مباراة بملعب مصطفى بن جنات ولازالت تشدها التزامات الدور ربع النهائي بهذا الفضاء فهي التي شكلت الجانب الاكبر من ضيوف مدينة المنستير. فأحباء المنتخب المغربي توافدوا بأعداد كبيرة أضيفت الى جموع الطلبة الدارسين بكلية طب الاسنان بالمنستير والذين وفروا لاقاربهم وأصدقائهم الاقامة المريحة. في حين خير الكاميرونيون الاستقرار بعاصمة الرباط رغم وجود منتخبهم بسوسة وإجراء تمارينهم بالملعب الاولمبي. وهؤلاء نزلوا بمجموعة من فنادق الدرجة الثانية التي امتلأت نظرا لرخص أثمانها مقارنة بالاصناف الاخرى. ولئن اختار أغلب الوافدين الاقامة بالنزل فإنهم أقبلوا على تناول أطعمتهم بالمطاعم وعلى مستوى التسوق أفادنا مصدر عليم بأن هذه العملية قد تبلغ ذرْوتها بعد اللقاء الترتيبي يوم الجمعة القادم بينما أكد لنا السيد كاظم المصمودي المندوب الجهوي للصناعات التقليدية ان القطاع لم يشهد إقبالا كبيرا بحكم أن الوافدين ينتمون الى أقطار تزدهر بها مثل هذه الصناعات. إلا أن الحركية الكبرى بهذه المناسبة عرفها قطاع الخدمات من نقل واتصالات ومقاه اضافة الى الحركية الثقافية المتميزة التي عاشتها مدينة المنستير حيث أفادنا السيد محمد الصالح لعتيل المندوب الجهوي للثقافة أنه وقع تنظيم سلسلة من التظاهرات الثقافية والمعارض المجسمة لمخزوننا التراثي واستعراضات للفرق الفلكلورية والموسيقية والشبابية.