قالت مصادر من رئاسة الجمهورية إنّ اربعة قيادات سياسية في المنطقة أكدت الى حد الآن مشاركتها للتونسيين في احتفالهم بمرور الذكرى الثانية للإطاحة ببن علي ليس من بينهم مسؤول جزائري. هذه القيادات هي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والرئيس المصري محمد مرسي والفلسطيني محمود عبّاس ورئيس المجلس الوطني الليبي محمد المقريف فيما لم تؤكّد القيادة الجزائريّة بعدُ مشاركتها علما وأن الجانب التونسي توجّه بالدعوة رسميا الى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
مصادر من السفارة الجزائريّة في تونس قالت إنه لا خبر لديها إلى حد الآن حول مشاركة الرئيس بوتفليقة من عدمه أو من ينوبه في احتفالات التونسيين بالذكرى الثانية ل 14 جانفي بالرغم من أن الجارة الجزائر غير مسموح لها بالتردد في تأكيد مشاركتها نظرا لما يجمع بين البلدين من علاقات تاريخية واستراتيجية عميقة.
وكانت العلاقات التونسيةالجزائرية قد شهدت ما بعد التغيير السياسي في تونس إثر الاحتجاجات الاجتماعية التي أطاحت بنظام حكم بن علي بعد 23 سنة من انقلاب الاخير على الرئيس الاسبق الحبيب بورقيبة هزّات عديدة مغمّسة في التوجّس بين الطرفين. وما زاد التوجّس بين البلدين هو صعود الاسلاميين إلى الحكم المؤقت في تونس وما رافقه من تصريحات بدت الى حين موَتِّرة للأوضاع بين البلدين أو بالأحرى بين الجزائر وحركة النهضة الواصلة للحكم بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 ومن دلالات هذا التوتر الاتهام الجزائري المباشر لحركة النهضة بدعم «المرشحين الاسلاميين الممثلين للجالية الجزائرية في تونس» وفقا لما كان قد صرّح به قاسة عيسي عضو المكتب السياسي ومسؤول الاعلام والاتصال لجبهة التحرير الوطني الجزائرية.
هذه التوترات خفت بريقها ما بعد زيارة حمادي الجبالي رئيس الحكومة والامين العام لحركة النهضة للجزائر بداية شهر ديسمبر الماضي والتي وُصِفت بالمثمرة إلاّ أنّ تكريم الباجي قايد السبسي رئيس حزب حركة نداء تونس، أبرز أعداء حركة النهضة، في السفارة الجزائريّة أول أمس أعاد طرح السؤال حول إمكانية عودة التوترات بين الجزائر وأحزاب السلطة في تونس وأساسا حركة النهضة علما وأن الصفحات المحسوبة على حركة النهضة في الموقع الاجتماعي فايسبوك قد شنّت حملة ضد هذا التكريم.
كما توجد تسريبات غير معلنة في أوساط حركة النهضة تقول إنّ الجزائر أصبحت تدعم أطرافا سياسية في تونس معارضة للنهضة والمقصود هو حزب حركة نداء تونس.
محلل سياسي : الدبلوماسية الجزائرية عقلانية والعلاقات بين تونسوالجزائر تاريخية المحلل السياسي المنصف وناس وصف العلاقات الحالية التي تجمع بين تونسوالجزائر بالمستقرة والجيدة قائلا إنه لم يصدر الى حد الآن عن الجزائر اية علامات معادية للوضع في تونس ولم تتورط في اي موقف وهذا مكسب مهم لتونس لتعمل عليه مؤكدا أن الديبلوماسية الجزائرية برغم احترازاتها عن الثورات في المنطقة إلا أنها حافظت على عقلانيتها برغم الاتهامات الخطيرة التي وجهها إليها سياسيون ليبيون إبّان الثورة الليبية القائلة بأن الجزائر دعّمت النظام الليبي ووفرت السلاح والمرتزقة.
كما بادرت الجزائر بمنح تونس هبة ثلاثة أشهر فقط بعد الثورة ولا يمكن أن تتغاضى تونس عن ذلك إذ لم تبادر أي دولة نفطية أخرى بتقديم فلس أحمر لتونس لدعم المرحلة الانتقالية وقد كانت الجزائر حينها تريد أن تدلّل على حرصها على العلاقات التونسيةالجزائرية بغض النظر عن موقفها من تطورات الامور.
كما قال ونّاس إنّ العلاقات الثنائية بين البلدين تاريخية وعريقة وأن تونس كان لها دور مهم في مؤازرة النظام الوطني التحرري ولهذا يمكن القول إنها علاقات استراتيجية يتوجب الحفاظ عليها وتدعيمها ومزيد النظر في تفعيلها.
وقال المنصف ونّاس أيضا إنه مطلوب من الديبلوماسية التونسية أن ترسل باستمرار رسائل بأن العلاقات متينة وقوية وراسخة وانه يتوجب على تونس ان تبرز حرصها على احترام الارادة الجزائرية في ان تكون الجزائر استثناء في مرحلة ما يسمى بالربيع العربي فلا يجب ان تتأثّر العلاقات بأي ظرف كان ذلك ان الجزائر هي العمق الاستراتيجي لتونس وكذلك تونس وهو أمر مهم يجب المحافظة عليه خاصة وأن هناك أطرافا في الداخل والخارج الاقليمي تريد التدخل والتوظيف في سياقات معينة.
واكّد ان الديبلوماسية التونسية عليها تفويت فرصة المتربصين بأي توتّر بين البلدين خاصة ان تونسوالجزائر اصبحتا تواجهان خطرا أمنيا مشتركا هو مواجهة السلفيّة الجهاديّة.