اعتبر رجل القانون ناجي البكوش مصادقة نواب المجلس التأسيسي في ساعة متأخرة من الليل على القانون المتعلق بالامتيازات والمنح التي يحصلون عليها منافيا للقانون ولأخلاقيات العمل النيابي .ووصل حدّ وصف المسألة ب « الفضيحة » في أكتوبر الماضي أوقفت المحكمة الادارية تنفيذ 4 قرارات أصدرها رئيس المجلس الوطني التأسيسي حدد بمقتضاها أجور نواب المجلس التأسيسي ونائبي الرئيس ومنحهم وامتيازاتهم. وجاءت قرارات المحكمة بناء على 4 دعاوى في تجاوز السلطة مرفوقة ب4 مطالب ايقاف تنفيذ رفعها رجل القانون ناجي البكوش ضد القرارات الأربعة . .
اعتداء على القضاء
رغم قرارات المحكمة فقد تفاجأ الرأي العام في تونس منذ يومين بتصويت نواب التأسيسي في ساعة متأخرة من الليل على قانون يرخص لرئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر اتخاذ قرارات تحديد الاجور والامتيازات والمنح التي يحصل عليها رئيس المجلس ونائباه وبقية النواب .
وحسب ناجي البكوش فقد عمل نواب التأسيسي على تسوية الوضعية السابقة (وهي غير قانونية ) بالتصويت على هذا القانون الغريب. فهذا القانون في رأي الاستاذ البكوش فضيحة بكل المقاييس لانه اعتدى بشكل صارخ على السلطة القضائية باعتباره «أجهض» عمل القضاء (أي عمل المحكمة الإدارية) و لم يتركها تنهي عملها الذي شرعت فيه أي لم يتركها تنهي النظر في أصل القضية بعد أن أوقفت في البداية تنفيذ القرارات. وتعرف هذه الطريقة في القانون ب« التسوية التشريعية » (la validation législative ) وهي طريقة عادة ما تلجأ اليها السلطات لتمرير نصوص قانونية مثيرة للشبهات سبق أن أثارت مشاكل او انتقادات فتقع تسويتها بقوانين .
.. وعلى سلطة رئيس الحكومة
إضافة إلى ذلك قال البكوش ان المصادقة على هذا القانون فيه أيضا اعتداء صارخ على السلطة الترتيبية العامة التي هي من اختصاص رئيس الحكومة حسب القانون المؤقت للسلط العمومية. و المعروف أن قرارات تحديد الأجور والنفقات العمومية هو من اختصاص السلطة الترتيبية العامة .
في منتصف الليل
لم ينف الاستاذ ناجي البكوش ان بعض البرلمانات في العالم تتولى بنفسها تحديد أجور النواب وامتيازاتهم والمنح التي يحصلون عليها لكن شريطة ان يكون ذلك بقانون يتخذه النواب بأنفسهم ويناقشوه أمام العموم والرأي العام ثم يصادقوا عليه . و يضيف قائلا « كان بإمكان نواب التأسيسي أن يتبعوا الطريقة نفسها في إطار الشفافية والوضوح أمام الشعب وأمام الرأي العام لكنهم اختاروا طريقة أخرى تكتنفها الشكوك حتى لا يقع التفطن إلى أن ما سيحصلون عليه من منح وأجور وامتيازات غير أخلاقي ويتنافى و ما نادت به الثورة ... صحيح أن النواب صوتوا على قانون لكنه قانون التفويض لرئيس المجلس لتحديد الاجور ولم يتولوا بأنفسهم تحديد أجورهم .
وحسب المتحدث فإن النواب حاولوا بذلك تجنب الحديث عن اجورهم في جلسة يتابعها عامة الشعب عبر التلفزة حتى لا يكونوا عرضة للانتقادات لذلك خيروا أن يكون ذلك في ساعة متأخرة من الليل و أن يقتصر دورهم فقط على التفويض لرئيس المجلس التأسيسي ليقرر هو في ما بعد وراء الابواب المغلقة ما سيتمتعون به من منح وأجور وامتيازات دون ان يطلع على قراراته الرأي العام إلا بعد أن تصبح نافذة بقوة القانون .
لا أخلاقية
وحول امكانية طعنه مجددا في هذا القانون قال ناجي البكوش إن ذلك غير ممكن لانه لا توجد لدينا اليوم محكمة دستورية للطعن أمامها في القوانين التي يصدرها التأسيسي ( و هذا وضع خطير تعيشه بلادنا اليوم ) . لكنه أكد أنه سينتظر اصدار رئيس المجلس التأسيسي لقرارات جديدة تحدد منح النواب وأجورهم وامتيازاتهم وقد يطعن فيها مجددا أمام المحكمة الإدارية مستندا خاصة إلى الجانب الاخلاقي في هذه الاجور لانه لا يعقل في رأيه أن يتقاضى النائب اليوم في تونس 4 آلاف دينار ( بالنسبة إلى النائب عن تونس) و7 آلاف دينار ( بالنسبة إلى النائب عن الخارج) و11 ألف دينار (بالنسبة إلى نائبة رئيس المجلس ) في وقت لا يزال فيه شق هام من الشعب التونسي يرزح تحت الفقر والحرمان والخصاصة .