لا حديث اليوم والأمس، وغدا بين الناس الا عن الحليب المحلي أين ذهب؟ والسلوفيني أين هرب؟ والتركي متى يأتي ويحل ركبه الميمون؟ ولهذا سأنضمّ الى هذا الحديث وأتحدث عن الحليب وأخضه خضّا لعلني أجد فيه زبدة لا زبدا. من الأقوال الشعبية في شأن من يستغل أو يبتزّ أحدا قولهم «يحلب فيه» وهنالك حديث قد يكون مزعوما مفاده أن زبدة هذا النوع من الحليب في فم «الشكوة» بيت الطاعة حيث تزدهر تربية البشر الحلوب وا& والأحزاب أعلم.
ونفس القول في المقصود الشعبي القح الفصيح يقال في شأن من يستدرج أحدا للبوح بما خفي من سر أو حقيقة وهو ما لم يقع مع احدى بقراتنا الحلوب المطلوب حلبها حلبها من تركيا التي سيأتينا منها الحليب بمعدل ربع لتر أي بحساب «بيبرون» لكل ساكن في انتظار الفطام نهائيا عن الحليب بالطريقة التي سأكشفها لاحقا وفي هذه الحالة بقي الأمر (بين عرب بين ترك) ولم يبق حديث الليل وحده مدهون بزبدة حليب البقر الأجنبي وإنما حديث النهار أيضا بزبدة الحليب العثماني الاجنبي وفي شأن الثرثار تقول البادية «يحلب في حلاب مقعور» وكذلك «حليبه بلا زبدة» ولكم أن تسألوا منابر الحوار في الليل والنهار عن أزمة الحليب وللحليب علاقة بشجر التين الذي له حليبه أيضا يعرف ب «حليب الكرم» إذ كان الرعاة يخدشون جذوع التين فيخرج منها مادة كالحليب تماما فيجمعونها في لفة صغيرة من الصوف ويضعونها في الحليب فيصير جبنا في ثوان معدودة ويصبح غذاؤهم صافيا حليبا في حليب، وها هم اليوم لم يبق لهم من الحليب الا «حليب الكرم» المرّ وللمرارة حكاية في نسيان الحليب والفطام وتحديدا بمادةمرْ وصبر وهي مادة علكية أمر من الحنظل ومن مرارة المرّارة. كانت الأمهات المرضعات تغلفن رؤوس أثدائهن بهذه المادة حتى إذا ذاقها الرضيع كرّهته في ثدي أمه وأنسته الحليب وفطم نهائيا عنه.
وما دام مازال فينا من يعتبر الناس جميعا «ترضع في صوابعها» وكلها رضّع فهلا يكون الحل في أن تضم التشكيلة الجديدة للحكومة المنتظرة لا وزارة للفلاحة. ولا وزارة للبطالة ولا وزارة للطماطم والفلفل وإنما وزارة للحليب لحل أزمة الحليب لها مهمة واحدة هي استيراد ال «مر وصبر» وبذلك تفطمنا عن الحليب حتى لا نتحدث عن زبدة في عنق الزجاجة ولا نقدم زوبعة في كأس الحليب في المسار الانتقالي الثالث الذي قد نجد فيه تشجيعا على نسيان الحليب ودعما لرضاعة الأصبع.