شرح السفير الايراني ببلادنا السيد بيمان جبلي موقف بلاده من الخطاب الاخير للرئيس السوري بشار الاسد مشيرا الى ان هذا الخطاب شكل «وصفة» عملية وخارطة طريق للخروج من المأزق السوري القائم. كما تحدث السيد بيمان جبلي عن الملف النووي الايراني وملفات اقليمية ودولية اخرى تكتشفونها في هذا اللقاء.
كيف تقرؤون خطاب الاسد الاخير و الى أي مدى تعتقدون انه يشكل مخرجا عمليا للأزمة القائمة في سوريا منذ عامين ؟
رأت ايران منذ بداية الاشتباكات المسلحة في سوريا أن عسكرة الساحة لن تخدم الشعب السوري وستدخل سوريا ومعها المنطقة في منعرج خطير. لذلك نادت بحل سلمي للأزمة في اطار حوار بين الأطياف المختلفة السورية بهدف تلبية مطالب السوريين وتحقيقها عبر الاصلاحات الحقيقية واجراء انتخابات شفافة تحت اشراف دولي. مازلنا نعتقد أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة القائمة في سوريا ووقف نزيف الدم هو وقف اطلاق النار من الطرفين يليه فورا حوار وطني لتشكيل حكومة انتقالية مكونة من المعارضة والموالاة وظيفتها الأساسية التحضير للانتخابات وتشكيل مجلس تأسيسي لصياغة الدستور الجديد تبني علي أساسه هياكل النظام المنشود.
علي هذا الاساس قدمت ايران مؤخرا مبادرتها في 6 بنود كبديل واقعي للخيارات الوهمية لحسم المعركة والمبنية علي تمويل وتسليح المجموعات المعارضة المسلحة.
نعتبر هذه المبادرة المخرج الوحيد من المأزق الحالي و أية رؤية تؤيد الحل السلمي المبني علي الحوار السوري السوري بعيدا عن التدخلات والاملاءات الأجنبية وتحقق بالتالي طموحات الشعب السوري في تحصيل الديمقراطية والتعددية والتغيير فنحن معها. من هذا المنطلق نري أن خطاب الأسد بما فيه من عناصر ايجابية علي غرار الحوار الوطني وانتخابات ودستور جديد وغيرها يشكل خرقا للمأزق الفعلي وعلي هذا الأساس نعتبرها فرصة جديدة ينبغي الاستفادة منها.
الى أي مدى ترون ان فرضية اسقاط نظام الأسد مازالت قائمة ؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال التعويل علي المعارك المسلحة الدامية القائمة حاليا في سوريا أن تشكل نهاية للأزمة. حتي ولو يؤدي الخيار العسكري الي سيطرة ثابتة أو مؤقتة لطرف علي طرف آخر فانها لا يعني بالضرورة نهاية المعركة لأنها ستؤسس لأرضية خطيرة للغاية وملغومة بالفتن. لذلك يتعين علي أصدقاء سوريا الحقيقيين الأخذ بالاعتبار التداعيات الخطيرة لاستمرار الوضع الحالي من تزايد عدد الضحايا وارتفاع عدد النازحين والأهم من كل هذا زرع بذور الحقد والانتقام والتطرف لمدي طويل وانتقال عدوي الفتنة والأزمة الي المنطقة برمتها وكذلك استفادة الكيان الصهيوني منها.
اذن يجب الآن وليس غدا وقف الرهانات الخاطئة التي تتسبب في تطويل المعارك الدموية والتي يدفع ثمنها الشعب السوري بدمه وثرواته وأمنه واستقرار بلده.
أدى وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي امس زيارة الى مصر ماهي اذن اهداف هده الزيارة خاصة و أنها تأتي على ارضية «مشحونة « باتهامات لطهران بالتدخل في مصر ؟
زيارة معالي وزير الخارجية الي مصر تأتي في اطار جولة افريقية تشمل عدة دول بما فيها مصر. لإيران ومصر مصالح متبادلة ومتداخلة فانهما تقعان في منطقة حساسة للغاية وتتأثران من أي تطور أمني في الشرق الأوسط. اضافة الي أن للبلدين مشتركات كثيرة جدا في الحضارة والتاريخ وغيرهما والتي من شأنها أن تقارب بين الشعبين الكبيرين الايراني والمصري.
نحن مقتنعون بأهمية التكاتف بين الدول المؤثرة علي غرار ايران ومصر في حل المشاكل وتسوية الأزمات في المنطقة. صحيح أن هناك مساعي غير بريئة لابعاد ايران من الساحة العربية والاسلامية وذلك بطرح اتهامات واهية بهدف التفرقة وتغييب اللحمة والتعاضد بينها وبين الدول الفاعلة.
تملك ايران رصيدا يزخر بالخبرة في تجاوز الأزمات والتعامل مع التحديات هذا الي جانب انجازاتها العلمية والتكنولوجية تضعها بكل تواضع تحت تصرف أشقائها خاصة في الدول التي تحررت شعوبها من الجور والتبعية.
النووي الايراني مازال يراوح بين المد و الجزر، كيف ستتعاطون مع التصعيد الغربي الاخير حيال هذا الملف وكيف تنظرون الى التهديدات الاسرائيلية الاخيرة بضرب ايران؟
النووي ليس الا جزءا من البوصلة العلمية التي تسعي ايران في تطويرها كحق أساسي وكوني. لسنا في وارد التنازل عن حقنا الطبيعي في تحقيق التقدم العلمي في كافة فروعها بما فيها النووي.
لم يبق عندنا أدني شك أن قضية ملفنا النووي سياسية بامتياز وليس لها علاقة بالطابع التقني. فكيف يمكن فهم امتلاك اسرائيل لمئات الأسلحة النووية المعترفة بها وفي المقابل الأخذ علي ايران بتهمة أنها يمكن في يوم من الأيام أن تنحرف عن المسار السلمي لنشاطها النووي؟ تبين لنا في كواليس مفاوضاتنا المتتالية مع الغرب وباعتراف بعض الأطراف المشاركة فيها أن حل الأزمة يكمن في تنازل ايران عن دعمها للمقاومة وقبولها باسرائيل. واما بالنسبة للتهديدات الصهيونية فموقفنا واضح ولنا الأدوات الكافية للرد عليها فلا يمكن أن يتأثر مسارنا العلمي بهذه التهديدات.
تواجه ايران اتهامات بالتدخل في الدول الخليجية وصلت الى حد تشكيل قيادة عسكرية عليا لمواجهة ما يسمى بالتهديد الايراني.. ما هو موقفكم من هذا التحرك؟ الجوار الجغرافي وحساسية منطقة الخليج الفارسي يملي الحذر واليقظة علي دول المنطقة. لإيران يد ممدودة الى جيرانها في هذه المنطقة لأنها تعتبرهم شركاء طبيعيين في تأمين الأمن والاستقرار وتحقيق التقدم والتنمية.
لا تريد ايران الا الخير لجيرانها ولا تنوي التدخل في أي شأن من الشؤون الداخلية لأي بلد ولو أنها أرادت التدخل خاصة في جوارها لكان الوضع مختلفا تماما.
بما أن الأمن والتنمية والاستقرار في منطقتنا هي مقولات متداخلة في ما بيننا فنعتبر أمنها وأمن دولها أمننا وتنميتها تنميتنا فلابد من التقارب والتواصل.