كان دائماً جزءا من الحل بعد عودته إلى تونس من منفاه بعد أكثر من 20 سنة ، منع الصدام بين الإسلاميين والسلطة والقوى السياسية الأخرى وخاصة داخل هيئة حماية الثورة قبل الانتخابات ، وبعد تشكيل حكومة الجبالي كان له الدور الحاسم في نزع فتيل العديد من القنابل الموقوتة في المستوى الوطني وداخل حركة النهضة وهو ما يفسر الهجومات الحادة التي تكثفت ضده مباشرة باتهامه بتعطيل الحكومة أو باستهداف المقربين منه وخاصة صهره رفيق بن عبد السلام، ومدير مكتبه السابق ورفيقه في المنفى لطفي زيتون. راشد الغنوشي أنهى الجدل حول الفصل الأول من الدستور، وأدار بذكاء شديد ملف العلاقة المعقدة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وخيب كل التوقعات بأن يؤدي مؤتمر النهضة إلى انقسام حاد، أو مشاكل في استيعاب تناقضات الأجنحة والتيارات وحتى ما تفرزه الخلافات أو الطموحات الشخصية من بؤر توتر.
رئيس حركة النهضة ، خلق واقعا جديدا في الساحة السياسية، بموافقته على مبادرة رئيس الجمهورية بإجراء حوار وطني دون إقصاء ولا يستثني أي حزب، وهو ما قد يُعبّد الطريق لمرحلة جديدة يخفّ فيها الاحتقان ويتراجع منسوب التشنج والشكوك، الذي بات يهدد بوضوح استقرار البلاد ومناعة الاقتصاد الوطني ويفتح الباب الواسع للمصالحة الوطنيّة.
راشد الغنوشي الذي تراهن قوى كثيرة على ضعفه أو إضعافه، أظهر قدرة فائقة على امتصاص الصدمات ، وإدارة الأزمات، ونزع الألغام الموروثة من الحكومات السابقة، أو التي خلفها الأداء المهزوز لحكومة كانت الحلقة الأضعف دون مبالغة ، في الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة، ومواقفه الأخيرة تظهر أنه مازال الرقم الأصعب والأهم في المعادلات السياسية، داخل النهضة وخارجها.