هل تحتاج تونس إلى مبادرة حوار وطني أخرى بعد مبادرة الاتحاد العام العام التونسي للشغل التي أعلن خلالها أن الهدف هو ضبط خارطة طريق وإعلان مواعيد الاستحقاقات القادمة... بعد مبادرة الاتحاد التي توجت بإجتماع مجلس الحوار الوطني وحضره الرئيس منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي وقاطعته حركة النهضة وحزب المؤتمر بسبب حضور حزب نداء تونس انطلقت الآن مبادرة حوار جديدة برعاية ودعوة من رئيس الدولة ولكن مرة أخرى قد تصطدم هذه المبادرة بمقاطعة بعض الأطراف والسبب مرة أخرى حزب نداء تونس لكن السؤال المطروح الآن بقوة لماذا التجأ الرئيس المنصف المرزوقي إلى مبادرة حوار وطني جديدة وهل يعني ذلك التخلي تماما عن مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل؟
تمسك
لا تزال الكثير من الأطراف السياسية ومن بينها حزب «التكتل» أحد أضلع «الترويكا» الحاكمة تتمسك بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل والتي أعلن الأمين العام حسين العباسي عن تفعيلها بشكل جدى داعيا كل الأطراف إلى التمسك بها.
ويرى المراقبون للحياة السياسية اليوم أن تونس لا يمكن لها الخروج من حالة الاحتقان التي تعيشها الآن إلا بمبادرة حوار وطني جدية وفاعلة وأعود هنا لأذكر بما قلته في مقال سابق بأن بعض الأطراف ومنها حركة النهضة قد أهدرت فرصة ثمينة بمقاطعتها مبادرة الاتحاد في وقت كان يمكن توسيع تلك المبادرة وكان يمكن التغاضي عن الكثير من التفاصيل من أجل الوصول إلى حلول جدية وحقيقية...
غير أن المبادرة الجديدة التي أطلقها الرئيس المرزوقي ستخلق مسارا آخر في مجال الحوار الوطني المطلوب وهو مسار ليس محكوما بالنجاح فقط. أعود لأقول إن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يزال هو الأقدر على اطلاق مبادرة شاملة للحوار الوطني فهو الجهة التي تبدو أكثر من غيرها قادرة على جمع شمل الجميع وهو وحده بما يملكه من رصيد شعبي ومصداقية نضالية قادر على احتضان كل الأطراف دون استثناء.
لقد كان الأمين العام «حسين العباسي» واضحا عندما أعلنت النهضة ومعها حزب المؤتمر مقاطعتهما اجتماع مجلس الحوار الوطني الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالعاصمة حينها حيث أكد أن الاتحاد لا يمكنه اقصاء أي طرف وأن كل الأطراف الفاعلة والجدية معنية بالدخول في الحوار ومعنية بالمشاركة في الحل.
ومهما كانت تبريرات بعض الأطراف الآن فالواقع يحتم الاعتراف بالحقيقة وهو أن حزب نداء تونس له اليوم وجود شعبي حقيقي لا يمكن انكاره مهما كانت حدة الأسباب المعلنة ويبدو أن الاتحاد اليوم ومعه أطراف كثيرة لا يزال مصرا على تفعيل مبادرته والتمادي فيها.
لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة نقابية فقط بل كان دائما منذ تأسيسه منظمة وطنية انخرطت ورعت كل التحركات الشعبية منذ معركة التحرير ثم بناء الدولة وحتى انتفاضة الشعب منذ يوم 17 ديسمبر 2010 لكن هناك أطراف لا تريد أن يلعب الاتحاد العام التونسي للشغل هذا الدور خاصة في هذا الظرف بالذات والذي يسبق الاستحقاق الانتخابي القادم الجميع يعرف الآن أن الانتخابات القادمة والمنتظرة قد تكون الانتخابات الأهم في تاريخ تونس المعاصر والفائز فيها ستكون أمامه فسحة من السنوات للعمل والحكم عكس هذه الفترة الانتقالية الصعبة التي شهدت فيها تونس الكثير من المصاعب والعراقيل والاشكاليات خاصة على مستوى الجهات الداخلية التي لا تزال تعيش نفس الوضع اجتماعيا واقتصاديا.
لكن السؤال المطروح الآن هل ستستمر مبادرة واحدة أو مبادرتان؟
وهل تحتاج تونس إلى المبادرة تلو الأخرى للخروج من حالة الاحتقان والتأزم والفوز بخارطة طريق وروزنامة للاستحقاقات القادمة فمن غير المنطقي أن يكون موعد الانتخابات في تونس غير معروف إلى حدّ الآن.