فوتت حركة النهضة ومعها الترويكا الحاكمة فرصة ثمينة جدا عندما رفضت التفاعل بقوة وايجابية مع مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل للحوار الوطني... الآن تأكد أن النهضة الحاكمة فوتت فرصة كبيرة على نفسها وهي تبحث عن سبيل لتوسيع دائرة تحالفاتها... كانت أمام الترويكا الحاكمة فرصة حقيقية لاستغلال مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في وقت تحتاج فيه الساحة السياسية تنقية للأجواء والى حوار حقيقي وفاعل والى أبواب للخروج من حالة التجاذبات السياسية التي تحكم المشهد السياسي في تونس.
أكّد المراقبون أن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل للحوار الوطني كانت المبادرة الوحيدة والجدية التي التقى حولها شركاء وأطراف فاعلون وأحزاب لها حضورها في الساحة رغم أنها خارج الحكم والسلطة.
كان الأمين العام حسين العباسي واضحا حين أطلق مبادرة الاتحاد وأعلن بشكل واضح وصريح أن هدف المبادرة هو الخروج بالبلاد من المأزق السياسي ومن حالات التجاذب التي تهيمن عليها.
كان واضحا حينها أن تحالف «الترويكا» لم ينجح في أن يحقق الأهداف التي انتظرها الشعب في ظل وضع اقتصادي صعب ومتأزم وفي ظل وضع اجتماعي يتميز بالتوتر.
أدرك الاتحاد العام التونسي للشغل أن الحل في اطلاق مبادرة وانشاء مجلس للحوار الوطني يجمع كل الاطراف السياسية في البلاد دون اقصاء ودون شروط ويكون الهدف واحدا وهو وضع خارطة طريق واضحة المعالم تمكن من ضبط روزنامة للاستحقاقات السياسية والانتخابية القادمة وتمكن من الوصول الى وفاق بشأن انشاء وتكوين هيئات مستقلة للاشراف على القضاء والاعلام والانتخابات دون أن يمسّ ذلك من سلطات ومن شرعية المجلس التأسيسي المنتخب.
مقاطعة
قاطعت حركة النهضة حينها المبادرة ومعها حزب المؤتمر وتمسك بمبادرة الاتحاد حزب التكتل فقط من داخل التحالف الحاكم، كانت غاية حركة النهضة حينها سحب البساط من تحت مبادرة الاتحاد وقطع الطريق أمام حزب نداء تونس الذي تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بدعوته الى المشاركة في المبادرة.
لكن حركة النهضة لم تدرك حينها أن المشهد السياسي يحتاج فعلا الى حوار مع كل الأطراف وأن ذلك الحوار إذا تم لن يكون الا في صالح التحالف الحاكم أي في صالح «الترويكا» وبالتالي في صالح حركة «النهضة».
حوار
الآن لن تكون حركة «النهضة» قادرة على النجاح في حوار مع أي طرف خارج مبادرة متكاملة وواضحة ولها أهداف محددة ومعلنة... لا يمكن للحوار والتشاور الانتقائي أن يؤدي الى الهدف.
تحتاج الساحة السياسية الآن الى العودة بقوة الى مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل فتفعيلها سيكون في صالح كل الأطراف وفي مقدمتها «الترويكا» الحاكمة والتي لا تبدو في وضع مريح ليس فقط على المستوى السياسي بل أيضا على المستوى الشعبي... فالاتحاد العام التونسي للشغل هو أكثر الأطراف التي تتمتع بالمصداقية وأكثر الاطراف القادرة على التحرك ميدانيا وتجميع كل المكونات السياسية ومكونات المجتمع المدني... هل تكون مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل هي المخرج الوحيد للمأزق السياسي؟