يدرك الاتحاد العام التونسي للشغل أنه الهيكل الأقدر على تحقيق الوفاق وجمع كل الفرقاء على هدف واحد... هذا الادراك الحقيقي كان وراء المبادرة التي أطلقها وستتوج بمؤتمر وطني للحوار يوم الثلاثاء القادم... هناك اجتماع الآن على مبادرة الاتحاد وعلى مؤتمره الوطني للحوار من قبل مكوّنات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المختلفة وهو نجاح يحسب للاتحاد ويؤكد مرة أخرى أنه الأقدر على تحقيق الاجماع حوله... لقد أطلق الاتحاد العام التونسي للشغل مبادرته بسبب حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها البلاد وبسبب ضغط التجاذبات التي تمر بها.
كان الاتحاد هو القوة الحقيقية القادرة على التدخل وتعديل الوضع.. لم تنجح الأطراف السياسية التي شكلت «الترويكا» الحاكمة في اخراج البلاد من حالة الاحتقان ولم تستجب لكل الدعوات التي أطلقت ونادت بضرورة تكوين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتحديد موعد الانتخابات القادمة...
أدرك المواطن التونسي أنه فرض عليه التعامل مع مرحلة انتقالية فيها الكثير من المصاعب وفيها الكثير من الهزات ولا يمكن أن تتحقق فيها أهداف واضحة بالشكل المطلوب.
بعد أشهر قليلة من انتخابات 23 أكتوبر أدرك التونسي أنه لابد من انهاء المرحلة الانتقالية واجراء انتخابات تمر بالبلاد الى مرحلة أخرى. كما أدرك المواطن الآن أن خيار المجلس التأسيسي لم يكن الخيار الصحيح والخيار المطلوب بعد 14 جانفي. هذه الأسباب وأسباب أخرى جعلت الاتحاد العام التونسي للشغل يكون هو صاحب المبادرة «الأقوى» على الساحة.
يملك الاتحاد العام التونسي للشغل إرثا تاريخيا ونضاليا كبيرا ويملك تضامنا شعبيا وقدرة على التعبئة اضافة الى مصداقية هياكله ومناضليه وهي عوامل جعلت دور الاتحاد واشعاعه يتواصل على مدى أكثر من نصف قرن.
اقصاء
لقد كانت قيادة الاتحاد واضحة منذ البداية في منهجها وهي ان المبادرة التي تقدم بها الاتحاد يجب ان تكون خارج دائرة الاقصاء في الوقت الذي ترتفع فيه الآن أصوات البعض بإقصاء التجمعيين تحت عنوان «تحصين الثورة» وهو «تحصين» ترى فيه أطراف أخرى أنه يأتي لحسابات انتخابية في وقت برزت فيه «معادلات» سياسية جديدة وظهرت تحولات في مواقف الناخبين.
ومنذ لقائه براشد الغنوشي كان حسين العباسي الأمين العام للمركزية النقابية صريحا وقال ان مبادرة الاتحاد لا تحتمل الاقصاء... وعندما نتحدث عن الاقصاء هنا فإننا نتحدث عن طرف واحد معني به هو حزب «نداء تونس» المتهم من قبل أحزاب «الترويكا» فقط بأنه حزب يضم تجمعيين مما يؤكد مرة أخرى ان منطق «تحصين» الثورة هو منطق اقصائي انتخابي بالضرورة.
ومنذ البداية أعلن العباسي ان المؤتمر للحوار لا يعوض المجلس الوطني التأسيسي الذي هو وحده المؤتمن على الشرعية وان المبادرة لا تعوّض السلطة التنفيذية لذلك فإن الحوار يجب ان يكون مفتوحا للجميع دون اقصاء ل«نداء تونس» أو لغيره من الأطراف.
نجاح
يقول المراقبون ان مبادرة الاتحاد قد نجحت في تحقيق أهدافها عندما دفعت ب«الترويكا» الى التعجيل بإعداد خارطة طريقها التي قالت انها ستعلنها يوم 18 أكتوبر... ونجحت المبادرة عندما ساهمت في خلق حوار جدي بين أطراف عديدة قبل انعقاد المؤتمر الوطني للحوار وهي كلها أهداف قادرة على تحقيق الوفاق المنشود.. ساعات تفصلنا عن اجتماع المؤتمر الوطني للحوار ونصف الأهداف قد تحقق الآن.