تجددت المواجهات على امتداد كامل يوم أمس السبت بين المحتجين وقوات الأمن ببنقردان، وقد عاينت «الشروق» «إصابة» شيخ تم نقله للمستشفى قبل اجتماع المحتجين بدار الثقافة بالمكان في حين تحدث مراسل إذاعة تطاوين عن إصابة طفلة عمرها 6 سنوات. الشيخ المصاب وجد نفسه ظهر يوم أمس بالصدفة بين الشباب المحتج وقوات الأمن التي كانت تطلق الغاز المسيل لدموع لتفريق المحتجين، وقد سارع الأعوان إلى حمله في حالة صحية عادية و التحول به إلى المستشفى مخافة أن يكون قد استنشق كميات من الغاز المعتمد في تفريق المحتشدين.
المواجهات أمس لم تهدأ على امتداد كامل اليوم وكانت أشد ضراوة من الأيام السابقة، وقد تحدث المحتجون عن كلمة رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي ورأوا فيها استخفافا بمطالبهم بالشرعية مع وصفهم بصفات لا تليق بهم على حد تعبير أغلبهم.
تصعيد وترفيع في سقف المطالب
بعد مواجهات الصباح والظهر ، تحول المحتجون إلى دار الثقافة ببن قردان عصرا و عقدوا اجتماعا عاجلا حددوا فيه مطالبهم الرئيسية في التنمية والتشغيل، واعتبر المجتمعون أن معبر رأس جدير هو جزء من الحل و ليس الحل، وطالبوا بمشاريع تنموية عاجلة لخصوها في مطالب رئيسية هي إقامة ثلاث مصحات بالجهة والموافقة على مشروع «سبخة الملح» وتجهيز منطقة صناعية لتشجيع المستثمرين من أبناء الجهة.
وقال المحتجون إن هذه المشاريع التنموية قوبلت جميعها بالرفض سابقا وكانت سببا في حالة من الاحتقان سنة 2010، وقد تجدد الرفض في هذه الفترة مع الحكومة الحالية التي جعلت منطقة بنقردان مرتهنة لمعبر رأس جدير وما تعنيه هذه النقطة الفاصلة بين تونس والشقيقة ليبيا من حركية تجارية تشغل ما يقارب ال40 بالمائة من شباب المنطقة على حد تعبير بعضهم.
وعلى إثر اجتماعهم بدار الثقافة بالمكان، نظم المحتجون مسيرة سلمية سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين جددوا مرة أخرى مطلبهم في انسحاب الأمن وتسليم مسؤولية الأمن للجيش الوطني.
والواقع ان قوات الجيش الوطني انسحبت بداية من مساء أول أمس الجمعة بالكامل من منطقة بنقردان التي استفاقت صباح يوم أمس السبت على نسق عادي حيث فتحت الفضاءات التجارية أبوابها، لكن في حدود الساعة الحادية عشر تقريبا اندلعت المواجهات بساحة المغرب العربي بقلب المدينة.
عدد كبير من المحتجين عبروا ل «الشروق» عن استعدادهم لمزيد التصعيد مطالبين بحلول جذرية تستثني معبر رأس جدير الذي قال المحتجون انه جعل بنقردان جزءا من ليبيا على امتداد سنوات من التهميش السابقة وقد آن الأوان حسب تعبيرهم لفك هذا الارتباط .
المعبر وسوق ليبيا
«سوق ليبيا» ببنقردان أو القطب التجاري النشيط بالمنطقة و الذي يجلب 45 زائرا في بعض الفترات، فتحت أمس أبوابه صباحا على استحياء شديد، وكان التجار ممن التقتهم «الشروق» يتحدثون عن سوء المعاملة من بعض الشباب الليبي.
ورغم حديثهم عن هذه المعاملة التي قالوا انه ليست بالمثل عما يلقاه الأشقاء الليبين بيننا في تونس ، كان التجار يتابعون أخبار المعبر الذي فتح صباح يوم أمس من الجانب الليبي فقط على حد تأكيد بعضهم خلافا لما أكده والي مدنين الذي تحدث عن فتح المعبر من الجانبين.
زيارة «الشروق» للسوق أبرزت النقص الواضح في السلع، وقد فضل التجار عدم فتح محلاتهم تخوفا من الاحتجاجات والأجواء المشحونة التي تعيش على وقعها منطقة بنقردان من الجنوب التونسي والتي يرتفع فيها يوميا سقف المطالب مما يستوجب الإسراع في التدخل للتهدئة.
تصريحات الجبالي تصبّ الزيت على النّار قال السيد حمادي الجبالي في كلمة ألقاها في مدينة غدامس الليبية أمس ان السلطات ستتصدى للعنف في مدينة بن قردان الحدودية مضيفا «أزلام القذافي وتجار المخدرات والمهربين وراء ما يحصل من عنف وفوضى».
وتابع حمادي الجبالي «أهالي بن قردان ضد العنف وستعمل الحكومة على تحقيق التنمية في مناطقهم» مضيفا: «نحن مع الاحتجاج السلمي ولن نتسامح مع الفوضى». وقد كانت هذه التصريحات بمثابة صبّ الزيت على النار حيث أججت عضب أهالي بن قردان واحتجاجاتهم ومواجهاتهم مع قوات الأمن.