لا حديث في قرانولارس وحتى كافة مواقع الدورة الثالثة والعشرين لبطولة العالم لكرة اليد اسبانيا 2013 إلا عن تونس، النجمة بلا منازع للجولتين الأولتين لهذه المسابقة وبعد أن أربك منتخبنا فرنسا في الجولة الافتتاحية ها هو يكسب الرهان بعد حوالي 20 ساعة بالفوز على ألمانيا البلد الذي يفاخر بأقوى بطولة وطنية في العالم. انتصار تاريخي لم يسبق لمنتخبنا أن حققه أمام العملاق الألماني.. انتصار الطموح والجرأة.. انتصار مدرسة في كرة اليد بإمكانها أي تصبح الأقوى لو توفر لها ما هو متوفر لدى الألمان والفرنسيين والسكانديناف والكروات.
متى ستعون ؟
أقولها وأكرّرها للمرة الألف.. لا يوجد في سائر أنحاء العالم من يتقن رياضة كرة اليد أفضل من التونسيين.. أقولها وأكرّرها.. لم تعط أية حكومة منذ الاستقلال كرة اليد حقّ قدرها لا حكومة بورقيبة ولا حكومة بن علي ولا حكومة «الترويكا».. كلها وظّفت تألّق هذه الرياضة والانجازات العديدة التي حققتها بإحرازها تسعة ألقاب إفريقية وببلوغها العالمية.. كلها استخدمتها عند الحاجة لتلميع الصورة.. ولكن ولا واحدة وفّرت لها الوسائل الدنيا لترتقي بها الي المستوي التي هي قادرة عليه.. بل إنني علمت مؤخرا أن الميزانية التي سترصد لجامعة كرة اليد بعنوان سنة 2013 ستسجّل تراجعا بتعلّة أن الميزانية المرصودة لمجمل الجامعات قد تقلّصت.
أقول إن ذلك خطأ فادح بل مظلمة في حق كرة اليد.. أقول إن السياسيين لا يفهمون شيئا في الرياضة ولا يدركون ما يمكن لكرة اليد أن تسهم في إعادة الأمل للتونسيين في خضمّ الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. أقول إنها خسارة كبرى لولا يستيقظ السياسيون توّا من سباتهم ومن غفلتهم، هذا المعدن النفيس الذي أنعم الخالق علينا به.. أقول إنه حان الوقت لكي تضع الدولة كل ثقلها لصقل هذا المعدن المخزون في كل أنحاء البلاد والذي يستدعي مجهودا استثنائيا من قبل الدولة حتى يعمّ خيره على البلاد. قاعة جامعية ومضاعفة الميزانية
الأمر على غاية من البساطة ولا يتطلّب أكثر من أن يتواضع السياسيون ويثقوا في الرياضيين الحقيقيين.. الأمر يتطلب من السياسيين بأن يكفّوا عن ذرّ الرماد على الأعين برمي لقمة في فم كل جامعة وأن يعتبروا أن كرة اليد يحقّ لها أن تتمتع بتجهيزات مغايرة لبقية الجامعات كأن تتوفر للجامعة قاعة فيدرالية تحتوي علي الأقل على فضاءين للتدريب وتخصّص لكافة أصناف المنتخبات..
الأمر يتطلب أن تأخذ الدولة على عاتقها مسألة تمويل الأندية في كرة اليد بصفة استثنائية لأن الاستثمار في هذه الرياضة رابح مائة بالمائة.. الأمر يتطلب مضاعفة ميزانية الجامعة لأن ما ينقص هذه الأخيرة هو فعلا المال الكافي لحل مشاكل الأندية ولتكثيف نشاط النخبة الشابة ولمزيد تكوين الاطارات وتحفيزهم.. الأمر يتطلب وضع استراتيجية خاصة جدا بكرة اليد وتوفير اليات التنفيذ لها.. والنتيجة ستكون قطعا بلوغ منصة التتويج العالمية بعد أن تكون كرة اليد قد أصبحت رياضة كل التونسيين.
بالأرقام يعني ذلك أن تضخّ الدولة ميزانية إضافية بمليوني دينار سنويا للجامعة وأن تسعى الى تكثيف قاعات التمارين لفائدة الأندية والنخبة الشابة.. الأمر يتطلب أن تصبح كرة اليد «شأن الدولة»..