لا يزال السيد كمال الجبالي يحمل في ذاكرته ما تعرض له ابان ايقافه في ما يعرف بقضية 206 حيث اكد انه ظلم لكن وجه شكره للقضاء العسكري الذي انصفه حيث اطلق سراحه صحبة بقية الموقوفين. بين الذكريات وواقعه الاني يعيش محدثنا كمال الجبالي العديد من المشاعر، احساس بالقهر وفرحة لخروجه من الايقاف وتنسمه للحرية وحلمه بغد مشرق له ولأهالي سليانة ابان احداث افريل 2011 يعود محدثنا ليروي لنا تفاصيل ايقافه فقد توجه إلى احدى المعتمديات التابعة لولاية سليانة عندما كان ينقل مجموعة أشخاص بسيارته وأثناء قيامه بهذا العمل الذي يعلم الكل انه يقوم به منذ فترة تعرض لعطل مفاجئ جعله يبيت خارج سليانةالمدينة.
تلك الليلة حصل فيها الكثير حيث كان احتجاج الاهالي على الوضع الذي قوبل بالة قمعية انتهت باعتقال العديد من اهالي المدينة، واتهم كمال بأنه شارك في أعمال حرق وتخريب حصلت ذاك اليوم. واستنجدت الحكومة آنذاك بفرق الأمن المختصة للقيام بمداهمات ليلية اعتقلت خلالها العديد من أبناء الجهة عشوائيا وبطرق وحشية حسب حديثه في انتظار التحقيق معهم ليكون هو من ضمنهم ليتم ايداع الجميع رهن الايقاف حيث عاش اصنافا من التعذيب والاهانة والتهديد، يقول محدثنا: «رغم استمرار التعذيب النفسي والجسدي لم استجب لمطالبهم فوقع آنذاك إجباري على الإمضاء على محضر بحث مكرها لم أتمكن حتى من قراءته عندها نطق الأعوان وقيل لي حرفيا «بن علي خل الرجال» ثم نعتني وأبناء سليانة بكلام يمس من الحياء. ..
يواصل كمال سرد معاناته داخل السجن وبعد ان قرر قاضي التحقيق إيداع الموقوفين بسجن المرناقية ظنوا أن معاناتهم ورحلة التعذيب قد انتهت لكنهم فوجئوا بعدد يفوق ال200 عون من طلائع السجون في انتظارهم في ساحة السجن أ وما يسمى بمتنفس السجناء قاموا حسب ما جاء في كل الروايات بتعنيف موقوفي سليانة بشتى أنواع العنف المادي والشتم واستعمال عبارات عنصرية ضد المساجين.
تدمع عين كمال وهو يروي لنا هذا الجزء من مدة إيقافه، فالمعاملة السيئة لم تتوقف عند هذا الحد بل كانت ترافقنا توصيات في كل مرة نرحل فيها من سجن لأخر بالتعذيب والمعاملة السيئة. وفي سجن سليانة تلقى كمال ورفاقه أنواع شتى من التعذيب النفسي حيث أفاد بأنه وبقية الموقوفين تعرضوا لعديد أنواع الاستفزاز والحرمان من ابسط حقوق السجين.
مدة الإيقاف أحدثت فارقا في حياة الموقوفين فكمال مثلا وجد صعوبة بالغة في مواصلة الحديث في هذا السياق وبعد تردد قال :»تصور أن تترك ابنك في السنة الخامسة ابتدائي وتخرج بهدف العمل لتعود فتجده يدرس في معهد ويعاني الأمرين في مواجهة نظرات زملائه بحكم انه ابن سجين ».
كمال يرى أن مدة إيقافه ساهمت في تشريد أبنائه من ناحية ووضعه وجها لوجه أمام وضعية مالية حرجة، كم هائل من الديون وتعطيل لمشاريعه وهو اليوم لا يطالب سوى بإظهار حقه وبراءته من هذه التهم الكيدية.
ليشكر القضاء العسكري الذي برأيه وتفهم وضعيته وكان عادلا ونزيها كما يشكر أهالي سليانة لوقفتهم إلى جانبه مع بقية الموقوفين في وجه المظلمة التي تعرضوا لها.