مع دخول فترة الشتاء وما يصاحبها من تقلبات في الطقس يعايش صغار البحارة خاصة الظرف المتعارف عليه ب «النو» من ضعف ايام العمل وساعات ولوج البحر في اشهر موسم الصيد. هي الاصعب من السنة وسط تهديد بمخاطر بين الفينة والاخرى وتقلص المداخيل المحدودة من جهة اخرى «الشروق» تحدثت في الاثناء الى عدد من البحارة بكل من منطقتي جرزونة ومنزل عبد الرحمان حيث يكون البحر سببا قويا للحياة والترفيه على حد سواء للأهالي .«فترة صعيبة..البحر يموت فيها.. فترة نو بامتياز.. البحر يقزز واننا صابرون» هي ابرز الاوصاف التي عبر من خلالها عن وضعية العمل ونسقها بحارة صغار من اهالينا وضعية قد تقعدهم لقرابة نصف العام احيانا الى غول البطالة المقيتة رغما عنهم خاصة ان بحر بنزرت جميل لكنه صعب الولوج بالنسبة للبحار الصغير حيث ادواته من خشب بسيط في فلوكة كما يطلق عليها كثيرون من البحارة الصغار. وفي هذا الصدد لاحظ السيد عمر الحشاني «يمتهن البحر منذ قرابة الاربعون عاما ان «الوضعية المهنية للبحري الصغير ترنو الى الاضطراب بشكل كبير لاسيما خلال فترة الشتاء وثلاث اشهر صعبة من الموسم بامتياز ولهذا فانه يعيش الفترة كمن يقسم الخبزة و يبقى باب الاسترزاق مفتوحا من جديد كلما تحسنت احوال الطقس وتجاوز ولو لساعات من الاسبوع حالة التقلبات الشتوية». فيما اوضح السيد جمال الصديق (بحار من منطقة جرزونة) حيث وجدناه بصدد ادخال بعض الاصلاحات على مركبه الصغير بالقرب من البحر الهائج والامواج التي اتت الرياح على سكينتها ان «صعوبة ولوج البحار الصغير بالنظر الى ضعف الامكانيات المادية ووسائل العمل مع انطلاق اشهر النو أواخر شهر اوت تقريبا الى ما يناهز اشهر جانفي بشكل متدرج وان من كبرى المشاغل تدهور الوضعية المعيشية والمهنية خلال هذه الفترة حيث بحر بنزرت صعب بامتياز اضف الى ذلك عمق التقلبات الجوية بالمنطقة» مشيرا الى ان تواصل الدعم بشكل جدي هو المطمح خاصة بعد ان ملت الوعود من قبل السلطات المعنية في صرف المنح المتزامنة مع مثل هذه الفترة من الشهر و»البونوات» المخصصة للغرض. محدثنا تطرق لتدهور الوضعية المعيشية بانفعال كبير وسط التساؤل عن افاق الوعود لمن هم الان في سدة الحكم للبحار الصغار ومن القطاعات التي تحتاج تدخلا بعيدا عن هاجس انتخابي بامتياز او الرغبة في شراء الاصوات لا غير على حد تعبيره .
المنحة والميناء سبب البلية
اعتبر مراد بن فائزة ان البحر يمثل بهذه المناطق سببا قويا لمعيشة عدد هام من العائلات وان السلف والكريدي والتداين احيانا ملجأ البحري الزوالي خلال فترة النو حيث تنطلق لتمتد اشهرا قد تطول او تقصر ولتنفرج مع دخول اشهر الميسرة نوعا ما. اما البحري مصطفى السوسي فلاحظ ان فترة الصيد كلما دخل الموسم الشتوي هي صعبة « ونقص في فترات العمل والحوت لمشاكل منها الطبيعية والتلوث في بحر المزوقة وحيث لا حظ محدثنا ان معدل ايام العمل تشهد اضطرابا ملحوظا قد لا تتجاوز احيانا يومين في الاسبوع خلال مثل هذه الفترات.
البحري مصطفى وخالد هلال اطلقا بأطناب رجاء في دعم مادي للبحري الصغير خلال هذه الفترات ولتهيئة كما شدد عدد من البحارة الاخرين ميناء صيد منزل عبد الرحمان حيث تستهدف السرقات تجهيزات البحري الصغير خلال هذه الفترة من العام بنسق كبير ولا يتسع الفضاء لاحتواء كل المراكب الراسية بشكل عشوائي بمحيط الميناء قبل ان يتحطم البعض منها كلما دارت رياح جنوبية وبالنظر الى تقلص تدخلات الحرس الليلي بالمكان على حد تعبير بعض ممن اخذ الكلمة.
غلاء المعيشة وغول البطالة
معضلة اسداء مستحقات الصندوق القومي للضمان الاجتماعي اثارها بقوة عدد ممن طلب الكلمة حيث افاد البحري كمال الصديق انه لم يقم «بصبان» لفائدة الصندوق لثلاثيتين منذ النصف عام وحيث يكون ملجا البحري احيانا الى المقهى من ساعات اليوم فيما افادنا البحري محمد الحناشي انه ازاء ارتفاع قيمة متخلد البحري الصغير كل ثلاث اشهر لاسيما في الفترة الشتوية لفائدة الصندوق القومي للضمان الاجتماعي حدود 145 دينارا فان «الصبان الابيض» يكون افضل الحلول وليكون «الحل للمعيشة في تعويض قدر المستطاع فترة البحر الميت بالنهار الطيب».