"قضية التآمر".. تفاصيل التهم الموجهة الى الموقوفين    وزارة التعليم العالي تسعى إلى إحداث أول معهد تونسي للذكاء الاصطناعي    تقرير: تغير المناخ سيؤدي إلى خسائر سنوية في إنتاج الزيتون بنسبة 2.3 بالمائة بين سنوات 2022 و2050    منوبة: رفع 741 مخالفة خلال تنفيذ ­­6617 زيارة مراقبة اقتصادية طيلة شهر    منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يدعو الى وقف مسارات التعاون غير العادل في قضايا الهجرة    الحمامات.. تفكيك شبكة لبيع سماعات تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات    شيخ جزائري يثير الجدل: "هذه الولاية بأكملها مصابة بالمس والسحر"!!    قتيل وجرحى في حادث مرور مروع بهذه الجهة..    جمعية القضاة تطالب بفتح تحقيقات حول قرارات التجريد من الخطط القضائية والإيقافات عن العمل.    حريق بمنزل في هذه المنطقة: وفاة شيخ وهذه حصيلة الاصابات..    بحارة منطقة غنوش يحتجون..التفاصيل    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 16 أفريل 2024    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من إياب الدور ربع النهائي    رابطة الهواة 2 (الجولة الثامنة إيابا) أفراح عارمة في منوبة وتبلبو    يورو 2024 : منتخب فرنسا يحتفظ بريادة التصنيف الدولي لأفضل 10 منتخبات أوروبية    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب    مرب يتذكر...مختار صخراوي ...مهنة التعليم شاقة ودون مردود مالي !    منوبة ..5075 مترشحا لاختبارات مادة التربية البدنية    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    في الملتقى الإقليمي المدرسي للموسيقى بسليانة..إعدادية النفيضة تحصد ثلاثة جوائز    صفاقس ..70 عارضا بصالون الموبيليا وجهاز العرس    تقلص العجز التجاري بعد ارتفاع الصادرات وتراجع الواردات    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    عاجل : خلية أحباء النادي الافريقي بألمانيا تهدد    وزير الخارجية يتلقى دعوة لزيارة صربيا    أول تعليق لرئيس الجمهورية على أعمال العنف في حي التضامن..    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    مع الشروق ..من «الصبر الاستراتيجي» إلى الرّدع ... ماذا بعد؟    إرتفاع أسعار الذهب لهذه الأسباب    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    الحماية المدنية: 19حالة وفاة و404 إصابة خلال 24ساعة.    تفاصيل القبض على مروج مخدرات وحجز 20 قطعة من مخدر القنب الهندي في سليمان    طهران لإسرائيل: سنرد بضربة أقوى وبثوان على أي هجوم جديد    أولا وأخيرا: ربيع النقل السريع    الأولى في القيادة الأركسترالية في مهرجان «Les Solistes»...مريم وسلاتي مستقبل قائدة أوركستر عالمية    عنوان دورته السادسة «دولة فلسطين تجمعنا يا أحرار العالم»...المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج يحطّ الرحال بنابل    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    قيس سعيد: لابد من دعوة عدد من السفراء الأجانب لحثّ دولهم على عدم التدخل في شؤوننا    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - فوز مولدية بوسالم على النصر الليبي 3-2    تونس: 25 دولة ستُشارك في معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنزرت : غياب الأسماك في السوق المحلية : «ارث الطرابلسية» في قفص الاتهام والصيد العشوائي يهدّد الثروة السمكية
نشر في الشروق يوم 24 - 01 - 2012

مع قلة تواجد «الحوت الفرشك الحي أمام غزو مايعرف ب«الحوت المربي» الاسواق وفضاءات العرض خلال السنوات الأخيرة باتت التساؤلات قائمة من قبل المستهلك عن أسباب عدم وفرة هذه لاسيما بجهة بنزرت احدى أبرز أقطاب إنتاج الأسماك بتونس على اختلاف أصنافها حيث تقل مردوديةالإنتاج بصفة خاصة لكن على امتداد اشهر السنة وفصولها ... «الشروق» فتحت هذا الملف للوقوف عند حقيقة الظاهرة.
السيد نور الدين النصيبي رئيس دائرة الصيد البحري بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية ببنزرت أفاد ان انتاج السمك في الجهة يناهز سنويا 6000 طن و ذلك على طول شريط ساحلي 200 كلم و انه من أنواع السمك التي تميز منطقة الشمال التونسي وتحديدا جهة بنزرت بمختلف معتمدياتها ما يعرف بجراد البحر أو بالأحرى «سمك اللنقوسط» والذي تمتد فترة انتاجه في العادة من غرة شهر مارس الى 15 ديسمبر من كل عام علاوة على أصناف أخرى منها صيد المرجان بالغوص في جرزونة و«الحنشة» في بحيرة غار الملح و بنزرت ومنطقة تينجة علاوة على القوقعيات ببحيرة بنزرت ... وكذلك « المناني» و«جغالي» ..
انطلاقا من هذه المعطيات تساءلنا اين يذهب حوت بنزرت ؟
تحولنا الى سوق السمك ببنزرت فوجدنا حركية خافتة مع بداية الأسبوع كان الإقبال بصورة واضحة على الاسماك التي يمكن وصفها بالشعبية وهي سمك»السردينة» التي لا يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد منها دينارا واحدا وذلك رغم تنوع المعروضات بالطاولات خاصة من الاسماك المرباة و أصناف من بحر بنزرت لكن مع فارق كبير في الأسعار والمذاق. و في هذا الصدد افاد السيد محرز حلمي صاحب محل لبيع الأسماك مع الإقرار بجملة من العوامل التي تحد من تواجد ولد البحر البنزرتي في السوق المحلي وخاصة مع الدخول في فترة ما يعرف بالنو بالنسبة للبحارة ولاسيما في اشهر فصل الشتاء فان الحوت المربي أضحى دائم الحضور بفضاء العرض وذلك تقريبا من مختلف الأنواع على غرار الورقة و القاروص. وغير بعيد عنه أوضح الشاب علي بوعزيزي بائع اسماك ان نسبة حضور الحوت المربي تزداد حدته في فترة الشتاء.
مسؤولية من؟
وعن مسالة وصول الحوت من البحر الى السوق ذهب اغلب من تحدث الينا الى تداخل الأطراف في هذه العملية من البحارة والباعة حيث ا ان كميات هامة من الانتاج تبقى معدّة للتصدير الذي يحتكر النصيب الأوفر. وفي هذا الإطارأشار كل من الصيادين «رشيد شتوان وتيجاني شتوان اللذين وجدناهما بصدد الولوج الى البحر في ساعة مبكرة من الصباح انه بمعزل عن النقص الملحوظ في الانتاجية لاسيما خلال شهري جانفي وفيفري من كل عام والدخول خاصة في فترة ما يتعارف بالليالي فان عدم تواجد الحوت بالاسواق المحلية يبقى بالخارج عن نطاق البحار على اعتبار ان عملية العرض والطلب تبقى خاضعة بالضرورة للدلالة ولوساطة أطراف اخرى ابرزها «الڤشار». كما ان حوت بنزرت المستخرج من البحر يبقى في جانب هام منه مطلوب ولهذا فانه بامتياز هو «حوت وسق» أي يخصص للتصدير ولهذا يعوض بالحوت الأجنبي من خارج البلاد بكميات اضافية في أغلب فضاءات العرض».
وكان كل من السيدين لسعد الرحال وشاذلي مراد «بائعين بذات السوق منذ 30 عاما قد شددا على انه «مع قلة الثروات الطبيعية في السنوات الأخيرة لاسباب متعددة فإن «الحوت المربي» هو حاضر بالأسواق على طول العام ولاسيما في اطار انتاج عدد من شركات تربية الاسماك المنتصب بعضها في منطقة غار الملح. وإن عملية العرض والطلب تخضع بالضرورة الى دور وكيل البيع الذي يحدد الكميات بسوق الجملة بجرزونةإضافة الى الدور الهام لتوجيه استهلاك الحوت ولد البحر من قبل أصحاب رخص التصدير وذلك بكميات تعرف تحت مصطلح «حوت الوسق» ولاسيما في أصناف مثل الورقة و«المداس» و«المرجان» و «الجغالي» و«المناني». . وفي ذات الاطار اعتبر السيد حسين الزواوي، مستهلك من العوامل التي قد تفسر عدم العثور احيانا على حوت بنزرت المتميز بالجودة العالية بالسوق المحلية تغول التصدير وهذا مايفسر ارتفاع اسعار اصناف منه ويبقى البديل في اغلب الحالات بالنسبة للمستهلك هي اصناف من الحوت الشعبي منه مثل السردينةوالبوقا...»...
ارث الطرابلسة ....والصيد العشوائي
طبيعة بحر بنزرت الذي تم وصفه بالبحر»الصعيب» على حد تعبير عدد هام ممن تحدثنا إليهم سواء من قبل البحارة او حتى المواطنين ولاسيما في فترة التقلبات المناخية الشتوية وهو الامر الذي يعيق العمل بدوره ويحد من الإنتاجية حسب البعض، حيث تراوح سعر الحوت المعروض بين 1د سردينة و14 دينارا لأصناف من الحوت البنزرتي المعروف باسم مرجان بنزرت فأي دور لوكلاء البيع في تنظيم القطاع ومن ثمة ضرورة تعديل الكفة مابين العرض والطلب استجابة لحاجيات المستهلك و وضعيات المسجلة إزاء قلّة عدد من أصناف ولد البحر ....... وكان السيد هادي البجاوي الذي خرج لتوه من سوق السمك بالمدينة وهو مستهلك من اهالي منطقة منزل بورقيبة اعتبر ان «الاضطراب في التزويد بالسمك البحري ان صح الوصف يبرز خاصة على امتداد فصول الخريف والشتاء والربيع وهو مايحد من اختيار المستهلك و مثل هذه الوضعية تعود في جانب منها الى عوامل المناخية.
وفي سياق متصل بالمسالة كان للبحار بمنطقة المرسى القديم لبنزرت الشاب بشير الحجري رأي اخر من المسالة حيث أبرز ان ظاهرة الحوت المربي بالأسواق التونسية بصفة عامة تشكل احدى التقاليد الاخرى التي روج لها الطرابلسية خلال الفترة المنقضية تواصل وجودها على غرار عدد من المسائل الأخرى التي طالت اغلب القطاعات التي تاجرت بها هذه العصابة التي حكمت البلاد وتنفذت فيها ..اما بالنسبة لحوت بنزرت فالاقبال عليه كبير سواء من المستهلك او المصدر الامر الذي وصل لحد بيع السمك في عرض البحر من الصياد الى القشار قبل بلوغه سوق الجملة وهذا ما يجعل عرضه باسواق التفصيل قليل مقارنة بالحوت المربي.»
كما كانت من المسائل الاخرى التي القت بظلالها على هامش تحقيقنا عشوائية الصيد الذي فسر به عدد هام من البحارة خاصة تواضع مردودية البحر في بنزرت على امتداد السنوات الاخيرة واستنزاف ثرواته. وفي هذا الصدد لاحظ كل من البحار بشير العوني وحسان حجري بفضاء المرسى القديم انه «مع الاقرار بالتراجع الملحوظ في الانتاج السمكي خلال الاعوام الفارطة فان من العوامل التي يجب الوقوف عندها لتنظيم القطاع التصدي للمخالفات المرصودة بخصوص الصيد العشوائي في اعماق بحر بنزرت بالكركارة والشباك الجيدة خاصة وذلك في ظل عدم الالتزام بفترة توالد انواع من الحوت .....» وهو تقريبا نفس الموقف للسيد محمد غبار بائع سمك بسوق صلاح الدين بوشوشة الذي أضاف في ذات الإطار ان «نقص المرعى نتيجة للصيد غير المنظم بأعماق بحر بنزرت هو ما يهدد بدوره تقلص المرعى وتصحر البحر ان صح الوصف.
60 بالمائة حضور الحوت المربي و»سبيسة»الخرجة
ومع تداخل العوامل التي فسر بها كل من البحار والبائع والتاجر والمستهلك غزو «الحوت المربي»أروقة فضاءات عروض ولد البحر بالجهة و وضعية عدم توفر حوت بنزرت ولاسيما منها تحويل وجهة الجيد منها الى السوق الداخلية كالفضاءات السياحية و التصدير . فان «الشروق» تحدثت الى احد الاطراف التي تعد فاعلة هي الاخرى خلال هذه العملية وهو قشار في حديث مع السيد «وحيد الدحام» بسوق الاسماك ببنزرت امدنا بالتوضيح التالي « النقص في الحوت بجهة بنزرت مسالة لاجدال فيها وهي لاتعود الى وجود دلالة غير منظمة فقط لكن الى جملة من العوامل معا التي تفسر بدورها حضور الحوت المربي التي تناهز 60 بالمائة وهذا ما يفسر التفاوت في اسعار عدد من الانواع على غرار الورقة مابين 9500 مليم بالصنف المربي و30 دينارا على اقصى تقدير للحوت المستخرج من البحر وسبب ذلك اساسا التكاليف المرتفعة للصيد ابتداء من خرجة البحار المشطة ولاسيما ما يعرف بالسبيسة.... اضافة الى حالات عدم ملاءمة الطقس لفترات طويلة من السنة يعني البحار مثل النملة.
في نفس هذا السياق اكدت لنا السيدة حلومة انها اصبحت تاكل الورقة والقاروص باستمرار منذ توفر مثل هذه الانواع المرباة باسعار شعبية وهي التي كانت تمر عليها في السوق دون ان تقدر على شرائها بالنسبة لنفس النوع من حوت البحر حيث يصل الفرق في سعر الورقة مثلا الى اكثر من 15 دينارا في الكيلوغرام نفس الشيء بالنسبة للقاروص .ناهيك ان ظهور الحوت المربي جعله متوفرا حتى في الشتاء عكس الحوت الحي الذي يختفي من السوق لأشهر عديدة .
قيمة غذائية متقاربة
يبقى السؤال المطروح في النهاية هل لكلا النوعين نفس القيمة الغذائية وهما المختلفان كثيرا في السعر ؟ في هذا الاطار أفدتنا السيدة سميرة التومي «ا خصائية في التغذية بالمستشفى الجهوي ببنزرت قسم الولادات ان « الفوارق بين النوعين تتحدد بحسب اللون و الشكل و الرائحة بين كل من الحوت المربي والطبيعي خاصة وان المربي يظل خاضعا لتغذية اصطناعية وهو مايفسر وجود هرمونات اكبر و من ثمة يكون ارفع في الوزن . ومن الناحية الغذائية ولئن لم تكن المنفعة الغذائية بالمختلفة كثيرا بين كلا الصنفين لكن مع هذا فان من الفواريق الهامة هنا من حيث علاقته بالتغذية ان السمك الطازج و الطبيعي يمتاز برائحته و بمذاق افضل حيث ثبت علميا ان السمك كلما تنوعت مصادر تغذيته حافظ اكثر على قيمته ومنفعته الغذائية على المستوى الكيفي و الجودة ومنها مادة الزيت فيه الذي يبقى من أفضل الزيوت صحيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.