قطاع «الفريب» قطاع يقتات منه عديد الشرائح الاجتماعية في بلادنا على اختلاف أعمارها وهو يشهد حركية نشيطة وإقبالا بات يقلق أصحاب محلات الملابس الجاهزة. البياصا بمدينة بنزرت أشهر من نار على علم يتوافد عليها الناس لشراء ما يلزمهم من «الفريب». وفي جولة هناك اعترضنا عديد الباعة المنتصبين على حافة الطريق الواحد حذو الآخر هذا يبيع أحذية والآخر ملابس والآخر هواتف جوالة وكل هذه المبيعات مستعملة ويقف وراءها باعة تعلو أصواتهم: «الكل على دينار» الكل على 200 فرنك» «اشري تربح» وما إلى ذلك من العبارات التي ما أن يسمعها المتجولون هناك حتى يتهافتون مسرعين على المبيعات. هذا هو «الفريب» في بنزرت: منتصبون تعلو أصواتهم وأناس يتهافتون على «النصبات» ومن خلال هذه المشاهد نتبين بوضوح أن «الفريب» يقتات منه عديد الناس ويستفيد منه المواطنون لكن رغم إقبال الناس عليه ينتقدونه عملا بالمثل القائل «لا نحبك لا نصبر عليك».وتوقفنا عند بائع أحذية ب5 دنانير وهو السيد جيلاني بن حسين في الثلاثين من عمره وقد أكد لنا أن انتصابهم في ذلك المكان لا يخل بجمال المدينة بل إن جمالها مستوحى من المنتصبين هناك ويؤكد أن «الفريب» ليس فقط «للزوالي» فكثيرا ما يأتي الأثرياء بحثا عن حذاء «سينيا» كما يقول ««الفريب» يدغدغ مشاعر المواطنين.» وبجانبه يقف بائع في العشرين من عمره وهو نبيل معلاوي يبيع ملابس مستعملة ب200 مليم وقد أكد أن إقدام التونسي على «الفريب» ليس فقط هربا من الأسعار المشطة في الفضاءات الكبرى بل «بحثا عن الماركة» كما يؤكد أن «الفريب» مورد رزق العديد من العائلات الذين اختاروا الوقوف ساعات طوال أمام نصابهم والذين دافعوا ببسالة عن عملهم منذ أن كانت الشرطة تقوم بحملات فجئية ضدهم. ويتساءل السيد رازي في الخمسين من عمره وهو يبيع أحذية ب1000 مليم وحقائب ب500 مليم عن سبب رفض البعض للفريب رغم أنه لصالح الجميع كما يقول أنه من حق السلطات المعنية تنظيم الانتصاب دون قطع الأرزاق. والتقينا في جولتنا بالسيدة نجاة عمرها 45 سنة وهي ربة منزل كانت تبحث عن حذاء ب1000 مليم قالت بأن ««الفريب» رحمة للزوالي» وبجانبها وجدنا هشام عمره 25 سنة فقال:»«الفريب» يعني سوم باهي وماركة عالمية» أما حنان وعمرها 30 سنة وكانت هي الأخرى تبحث عن حذاء من نفس النصبة فقالت:««الفريب» فرصة».و بعد هذه الجولة الطويلة تبين لنا أن المنتصبين يغزون الأسواق والتونسيين يتكالبون على «الفريب» وقد نجد بعضهم يقول:««الفريب» مش باهي» لكنهم لا يترددون أبدا في البحث في النصبات عن شيء لشرائه تطبيقا للمثل القائل«متّاكل ومذموم» ملابس مستعملة بأبخس الاثمان؟