أطلق التونسي منذ أشهر أصوات الاستغاثة من ارتفاع تكاليف المعيشة وعجزه عن مجابهتها لكن لا من مجيب، وبما أن الحاجة أم الاختراع فإن فئة واسعة من التونسيين استعملوا ذكاءهم للتغلب على صعوبات الحياة مما جعلهم يعرضون ملابسهم وأدباشهم للبيع على صفحات الانترنات وال«فايس بوك». الأزمة الاقتصادية التي تعيشها عديد الأسر التونسية جعلت «الفريب» يغزو ال«فايس بوك» ذلك أن الملابس التي لم تعد تستعملها بعض العائلات لم تعد ترميها أو تتبرع بها للعائلات المحتاجة بل أصبحت تعرضها للبيع على ال«فايس بوك» لتتمكن من اقتناء ملابس وأدباش جديدة.
أغراض منزلية
الطريف أن بيع الملابس توسّع أيضا في الأسواق التقليدية لا في العالم الافتراضي فحسب ذلك أننا أصبحنا نرى محلات بيع التجهيزات المنزلية على غرار الصحون والكؤوس وطواقم الأكل ولعب الأطفال والدراجات بكل أصنافها وعربات الأطفال «البوسات» كما يعرض البعض الملابس في حقائب بسياراتهم في الأسواق الأسبوعية وعلى قارعة الطريق... وعلى الانترنات...
أما على الانترنات فهناك صفحات لها عناوين بجهات تضم كثافة سكانية عالية مثل سوسة وتونس أو صفاقس... منها إحدى الصفحات المختصة في بيع ملابس الأطفال وبتصفحها وجدنا أنها تضم ماركات عالمية بأسعار معقولة أما عدد المنخرطين في هذه الصفحات فهو قرابة 16940 منخرطا وانضمّ إلى صفحة أخرى 4500 منخرط وشملت الأغراض المعروضة الملابس والساعات اليدوية كما شملت مستلزمات المنازل للذين يرغبون في تغيير أثاثهم وحتى التحف ونذكر من هذه الصفحات مثل «Friperie du petit monde» و«Frip fahion». كما عثرنا من بين الصفحات على أدباش تباع بتونس لكنها من بلد أوروبي وتعرض أسعار الملابس فيها بالسعر التونسي وباليورو أي أن إمكانية الخلاص بالعملتين ممكنة.
90 ألف طن
من جهة أخرى تحدثنا إلى رئيس غرفة بيع الملابس المستعملة بالجملة سمير عطية الذي ذكر لنا أن إقبال التونسيين على «الفريب» زاد بعد الثورة إذ ناهز سنويا 90 ألف طن وقد كان في 2010 في حدود 88 ألف طن.
وتوضع الملابس المستعملة الموردة في مخازن تحت الرقابة الديوانية ويتم استيرادها من أوروبا (إيطاليا وفرنسا وسويسرا وألمانيا) ومن أمريكا وكندا. علما أن 50٪ من الفريب المستورد يتم معالجته وإعادة تصديره إلى دول إفريقية وبلدان أوروبية منها فرنسا.
ويتم عرض 30٪ من الكمية في السوق المحلية التونسية وتحويل 20٪ إلى خيط تصنع به الأغطية الصوفية ولاحظ مصدرنا أن استهلاك التونسي من الفريب زاد بعد الثورة لكن الفريب لا يمثل سوى 12٪ من السوق المحلية مقارنة بالملابس الجديدة.
وأضاف أن لكل ولاية حصة من الفريب فسوسة تحظى ب390 طنا وخصصت للقيروان حصة أعلى نسبيا وكذلك أريانة ويستهلك الجنوب التونسي نسبا أقل من بقية الجهات في مجال الفريب.
ظاهرة جديدة
وحول ظاهرة بيع الملابس المستعملة على الانترنات ذكر مصدرنا أن التقنيات الحديثة أثّرت في كل المجالات ولم ينف إمكانية أن تتطوّر هذه التجارة حتى على المسالك المنظمة.
وفي خصوص ارتفاع أسعار الفريب ذكر مصدرنا أنها لم ترتفع ف«البالة» تباع ما بين 100 و150 دينارا والحقيبة (أكثر جودة) ما بين 250 و300 دينار وهامش الربح لم يتغيّر بالنسبة لباعة الجملة وهو 6٪ لكن المشكل في الدخلاء حسب رأيه الذين أشعلوا نار الأسعار، وعموما تضم بلادنا نحو 400 تاجر جملة في مجال ال«فريب» لكن عدد محلات البيع بالتفصيل غير محدد نظرا لتزايد عدد الباعة في هذا المجال..