الملابس معقمة ولا خوف من أنفلونزا الخنازير تونس الصباح: يمثل قطاع بيع الملابس المستعملة مورد رزق ل100 الف عائلة تونسية وملاذا لعدد كبير من المشترين على اختلاف اعمارهم وقدراتهم الشرائية، كما عرف القطاع انتعاشة كبيرة مع قدوم فصل الشتاء، بعد ان دفع ارتفاع الاسعار نسبة كبيرة من المشترين الى هجر متاجر الملابس الجاهزة الجديدة، ونظرا لجودتها العالية وتنوعها اللامتناهي، والكلمة لبعضهم. تؤكد السيدة حياة العصيدي (34 سنة) ان المحلات المتخصصة في بيع الملابس المستعملة نجحت في ازالة المفهوم السلبي عن البضائع المستعملة وصارت تهتم بتطوير نفسها من خلال العرض الجيد وتقديم تخفيضات كبيرة للمشترين». واضافت محدثتنا ان «الاسعار مناسبة جدا تبدأ من خمسمائة مليم وتصل الى 50 دينارا للملابس التي تصل قيمتها الحقيقية الى ضعف السعر المعروض». ويتردد على المناطق التي تعرض بها الملابس المستعملة الالاف يوميا، حيث توجد كل انواع الملابس التي يمكن ان تحتاجها الاسرة التونسية من ملابس اطفال وسيدات ورجال وان كان اغلب الزبائن المترددين عليها من الفتيات والسيدات اللاتي تتراوح اعمارهن بين سن ال17 وحتى ال50. ولا يقتصر البيع على الطبقات الفقيرة، فكل الطبقات تتردد على هذه المنطقة. اذ ان «كثيرا من الزبائن من الموظفين وحاملي المؤهلات العليا وطلبة الجامعات من الطبقة الوسطى». كما قال محمد بن عمار، احد اصحاب المحلات بمنطقة «الحفصية» واضاف: «توفر هذه المنطقة بضاعة جيدة ومستوردة، في الوقت الذي ترتفع فيه اسعار الملابس الجديدة بشكل كبير». ويقول علي الفرجاني (30 سنة) الذي كان يبحث عن بدلة: «لا يسمح لي مدخولي الشهري بشراء بدلة جديدة لارتفاع سعرها، فاضطر الى شراء واحدة من محلات بيع الثياب المستعملة. وهنا، تتوفر انواع جديدة باسعار مناسبة». ويتابع علي الذي يعمل في احد مطاعم الوجبات السريعة: «عموما، انا احتاج مثل هذه البدلة في اوقات محدودة جدا لطبيعة عملي، لذا افضل ان اشتريها مستعملة ليتسنى لي توفير الفارق بين ثمنها وثمن بدلة جديدة». ويرى احمد الجيار، موظف، انه «اصبح شراء الملابس الجديدة يثقل كاهل الموظفين المسؤولين عن شؤون اسر كبيرة ونحن نهتم الان بشراء ما هو جديد للاطفال اولا، ثم يقوم الكبار بالبحث عن ملابس في اماكن بيع الثياب المستعملة». ويضيف احمد (53 سنة) وهو اب لخمسة ابناء، جميعهم في المراحل الدراسية «اختلف الواقع المعاشي الان عما كان عليه خلال الاعوام القليلة الماضية، فالاسعار ارتفعت في كل جوانب الحياة وهي مشكلة يواجهها الموظفون واصحاب الدخل المحدود» وتابع: «مع حلول مناسبة عيد الاضحى وفصل الشتاء، احاول قدر المستطاع توفير احتياجات الابناء وتكاليف العيد، فتكون الملابس المستعملة الاختيار الانسب لانقذ ميزانيتي من التداين». اتفقت الشهادات على ان للملابس المستعملة الفضل الكبير في التوفير وان اقتناءها رحمة للجيوب خاصة وان عيد الاضحى يطرق الابواب بمصاريفه الكثيرة. ولكن رصدنا خلال جولتنا بمناطق بيع الثياب المستعملة على غرار «الحفصية» و«حي ابن خلدون» ان للبعض مخاوف من ان تنقل الملابس المستعملة «فيروس انفلونزا الخنازير» وبعض الامراض المعدية الاخرى. وهو ما دفعنا للتوجه بالسؤال للجهات المختصة. مراقبة مشددة اكد نخبة من الاطباء العاملين بالمرصد الوطني للامراض الجديدة والمستحدثة ان الملابس المستعملة والتي نستوردها من بلدان اوروبية وامريكية ليست ناقلا لفيروس انفلونزا الخنازين AH1N1 ولا داعي للخوف من ارتدائها بما انها خاضعة لعمليات تطهير قبل واثناء توزيعها في الاسواق المحلية. كما افادنا مصدر مطلع من وزارة التجارة والصناعات التقليدية ان الملابس المستعملة تتعرض الى التعقيم بواسطة نوع من الغاز المطهر الذي يقضي كليا على الجراثيم. هذا بالاضافة الى عمليات غسل وفرز يخضع اليها الفريب في 54 مصنعا من المصانع التونسية الناشطة في مجال تجارة الملابس المستعملة بكامل تراب الجمهورية والتي لا تستقبل اي كمية من «الفريب» ما لم تكن مرفوقة بشهادة تثبت خلوها من اية جراثيم او فيروسات ضارة. ويقع توريد ما يعادل 80 الف طن سنويا من الملابس المستعملة تعد منها 10500 طن للاسواق المحلية ويعاد تصدير بقية الكمية من جديد نحو دول افريقية واخرى اوروبية. ويمر تزويد الاسواق بكميات الملابس الجاهزة بمراحل اولها دخولها المصنع بعد توريدها ثم بيعها الى تاجر الجملة ومن ثم تاجر التفصيل. ولا يضع عون الديوانة الذي يتولى عملية المراقبة على باب الوحدة الصناعية المختصة في تجارة الملابس المستعملة وغسلها ومداواتها ختمه وتوقيعه على فاتورة الشراء الا اذا كانت مرفوقة بشهادة الشراء وبطاقة تعريف تاجر الجمل وشارته المهنية. وافادتنا امال بن عيسى (42 سنة) زبونة وفية لمحلات بيع الملابس المستعملة بأن بعض تجار الملابس الجاهزة الجديدة يعمدون «للغش» كحيلة قد تقيهم من تداعيات المنافسة. وتقول في هذا الصدد: «خبرتي الممتدة لسنوات في الملابس المستعملة جعلتني احسن التمييز بين الملابس الجديدة وملابس «الفريب» وهو ما ساعدني على ان اكشف ألاعيب بعض تجار الملابس الجاهزة الذين يعمدون الى غسل وكي ملابس مستعملة ثم عرضها للبيع على انها ملابس جديدة..». واوضحت محدثتنا: «لا يمكن للتاجر ان يعلق غشه واخطاءه في حق حرفائه على شماعة منافسة محلات بيع الملابس المستعملة والظروف المادية الصعبة. ويمكن ان ينقل تجارته من الملابس الجديدة الى الملابس المستعملة ان وجد فيها الحل للمشاكل المالية وليبقى وفيا لمبادئ التجارة وليكسب ثقة حرفائه».