بقطع النظر عن التشكيلة الحكومية التي ستتمخّض عن مداولات أمس بين قيادات «الترويكا» فإن الحزب الأغلبي قد عرفت جلساته صعوبة في الاتّفاق في ما بين أعضائه. كيف ذلك؟ علمت «الشروق» من مصادر مطّلعة أن اجتماع حركة النهضة الذي خصّص أمس الأول للنظر في عملية التحوير الوزاري، قد تخلّلته تباينات في وجهات النظر بحيث انقسم المجتمعون إلى شقين مختلفين.
ففي حين تمسّك شق رئيس الحركة السيد راشد الغنوشي ببقاء وزير الخارجية السيد رفيق عبد السلام على رأس الديبلوماسية التونسية فإن الشق الثاني الذي يقود وجهة نظره السيد حمادي الجبالي رئيس الوزراء، تمسّك من جهته بالسيد نور الدين البحيري على رأس وزارة العدل.
النقاش الذي طال في الزمن، حيث بدأ الاجتماع على الساعة الرابعة بعد ظهر الخميس (يوم المولد النبوي الشريف) الى حدود الواحدة من صباح الجمعة أفرز عسرا في إقناع شق للآخر صلب النهضة. ويقول المتمسّكون ببقاء صهر رئيس الحركة على رأس الخارجية، إنه إذا كان لابدّ لحزب حركة النهضة ان تفرّط او تتنازل عن وزارة سيادة فإن وزارة العدل هي الأكثر ترجيحا، على اعتبار ان وزير العدل حسب تقييمات الشق المذكور قد سجلت وزارته عدة أخطاء وهفوات، لعل أهمها نقطتان جوبهتا برفض من الساحة السياسية والحقوقية: وفاة الموقوفين الاثنين بشير القلّي ومحمد بختي وهما قيد الإيقاف بسجن المرناقية وكذلك إعفاء عدد كبير من القضاة أنصفتهم المحكمة الادارية مؤخرا...
من جهتهم تمسك أعضاء الشقّ الثاني بأن يكون التحوير على رأس وزارة الخارجية وذلك لاعتبارات تهم القضية التي أثيرت تحت عنوان «شيراتون غيت»...وتؤكد مصادرنا أن قضية التحوير الوزاري أفرزت خلافا حادا بين الشقين المذكورين، اضافة إلى أن دخول محمد القوماني إلى الحكومة من عدمه قد جوبه من شقّ كبير في النهضة بالرفض...وقد تكون النهضة جنحت إلى ترضية التكتل بأنها «ستضحي» كحزب أكثري في السلطة بوزارة أخرى قد تكون التجارة أو التنمية الاقتصادية أو البيئة التي ستكون من نصيب التكتل على أن المهم يقول مصدرنا أن تكون الشخصية المرشحة ذات كفاءة.
من جهة أخرى علمت «الشروق» من مصادر قريبة من القصبة (مقر رئاسة الحكومة) أن السيد حمادي الجبالي أجرى حوارات مع حوالي 20 شخصية غير متحزّبة (مستقلون) من كفاءات بنكية ومن قطاع التأمين وشخصيات حقوقية وخبراء من ذوي الصيت الدولي... وعلمنا أن السيد حمادي الجبالي واجه مشكلة من داخل اجتماع النهضة المذكور، حيث جوبهت مقترحاته (بالأسماء) باعتراض شق من الحاضرين، بقولهم: إن هؤلاء من أزلام النظام السابق، فما كان من الجبالي إلا أن ردّ بغضب: «اذن كل الناس خدموا مع النظام القديم»...
من جهة أخرى قد تؤول وزارة العدل حسب اصرار البعض من داخل النهضة ومن داخل الترويكا الى غير البحيري، وقد يكون اسما الاستاذين قيس سعيد وسمير العنابي من الوجوه المرشحة بقوّة...
لكن مصادرنا إن من داخل اجتماع النهضة لأمس الأول أو من داخل اجتماعات ومشاورات حزبي الترويكا المؤتمر والتكتل أو كذلك من أروقة اجتماع قرطاج لقيادات «الترويكا» لعشية أمس، تؤكد أن أسرارا ومعطيات آخر لحظة، قد تقلب كل الموازين وتعدل عن كل التوقعات أو التسريبات التي جدّت الى الآن.