مسلسل التحوير الوزاري عرف يوم امس حلقة جديدة بطلها المستشار الاعلامي لرئيس الحكومة رضا الكزدغلي الذي حول الكلمة المنتظرة لحمادي الجبالي الى مادة للتعاليق المتنوعة من الدهشة الى الاستطراف الى العودة لإثارة موضوع « النكسة الاتصالية» للحكومة التي اعترف رئيسها أكثر من مرة بعجزها وان عجز هو نفسه عن تبرير سر احتفاظه بمستشاره الاعلامي رغم أخطائه. الإعلان عن تفاصيل التحوير أو الأسباب التي قد تكون وراء تأجيله أو التقليص في مداه، أمر على غاية الأهمية وهو حدث ينتظره التونسيون بفارغ الصبر . بمنطق اتصالي بسيط يكون اختيار التوقيت والشكل أمرا مهما .
ولكن تهب الريح بما لا تشتهي السفن. المفاجأة الأولى كانت برمجة الكلمة على الساعة الثالثة اي ساعة قبل انطلاق مقابلة مصيرية للفريق الوطني ضد الكويت ديفوار ويبدو ان المستشار الذي لم يكن في الغالب على علم بالمقابلة تفطن للموضوع فتم تقديم الموعد بنصف ساعة !! المفاجأة الثانية هي إعلانه ان الكلمة لن تشفع بأسئلة وأن الصحفيين سيكونون مجرد « ديكور» في قاعة الضيافة بقرطاج. الواضح ان التونسيين لن يجدوا الوقت الكافي للتفاعل مع كلمة رئيس الحكومة وسيدخلون مباشرة في جو المباراة والتفاعل مع نتيجتها التي نرجو ان تكون إيجابية . وهنا يوجد احتمالان اما ان الكزدغلي تعمد ذلك لقطع الطريق على مناقشة الكلمة وهو ذكاء استراتيجي يستحق معه « ترقية» ومكافاة !! أو انه تسبب في تفويت الفرصة على رئيس الحكومة ليكون أكثر قربا من الشعب ، واكثر قدرة على الدفاع عن خياراته والصعوبات التي تعرضت لها حكومته وخاصة في مناقشة التحوير.الواضح ان الجبالي ، الذي راهن على المفعول الشعبي لكلمته المنتظرة وعلى تعاطف التونسيين مع رئيس الحكومة في مواجهة النيران « الصديقة» وغير الصديقة ، وجد نفسه مرة اخرى ضحية سياسة اتصالية يبحث البعض عن ذرائع لتبرير فشل المشرف عليها وإنقاذ ماء وجه المستشار الاتصالي لرئيس الحكومة الذي سجل هدفا حاسما في وقت قاتل ولكن في مرماه وفي مرمى حكومته الموقرة.