خلفت استقالة السيد فتحي التوزري من حزب الجمهورية وطرد السيد محمد القوماني من التحالف الديمقراطي موجة من الاستياء في صفوف المناضلين والقياديين في الأحزاب الذين اتهوموا الترويكا بمحاولة زعزعة استقرارها. بعد قرار التحاق محمد القوماني بالحكومة أفاد محمد الحامدي (المنسق العام للتحالف الديمقراطي) «التحاق القوماني فيه معارضة ومخالفة لقرار الحزب وبالتالي لم يعد ينتمي للتحالف الديمقراطي».
وعن مدى تأثيره على الحزب أضاف «التأثير جزئي يتعلق بشخصية المنفصل ففي نهاية المطاف خرج من الحزب باختياره وأن كل مكونات التحالف الديمقراطي يبقون شركاء على قدر المساواة في التأسيس والقرار الذي اتخذه القوماني لن يؤثر بأي حال من الأحوال على العلاقة مع المناضلين الذين أتوا من حركة الاصلاح والتنمية. كما اعتبر أن أسلوب الترويكا غير بريء ويضرب الثقة وأن هذه الطريقة في التفاوض من وراء الأحزاب تزيل المصداقية عن الحكومة, وتسائل «أي قيمة سياسية للأشخاص الذين أغرتهم الحكومة؟ وما الذي مازالوا يمثلونه؟
كما اعتبر أن ما حدث من اقالات واستقالات فيه ضرب لمصداقية أشخاص أظهروا أنهم طامعون في الوزارات. أما عصام الشابي (القيادي في الحزب الجمهوري ) فقد أكد أنه يشعر بالأسف لاستقالة فتحي التوزري بعد تلقيه عرض للالتحاق بالحكومة والذي رفضناه لأنه يتعارض مع قرارات الحزب وهياكله.
وأضاف «نحن في الحزب الجمهوري لم نر أي مبرر للالتحاق بالائتلاف الحاكم في ظل عدم توفر شروط وأرضية ملائمة لذلك نأسف على العقلية التي أدار بها الائتلاف الحاكم وخاصة النهضة الحوار مع الأحزاب وبعض الأطراف المستقلة».
واتهم الترويكا بأنها بعد فشلها في اقناع الأحزاب المعارضة في الالتحاق بها والانضام اليها التجأت إلى أساليب قذرة تعتمد على المناورة والمراوغة . وعن تأثير استقالة التوزري قال «الاستقالة لن ثؤثر على استقرار الحزب ولن تزعزعه بالعكس سيؤثر سلبا على الترويكا وتفقد مصداقيتها أكثر فالحزب الجمهوري حزب موحد له رؤية واضحة.
موقف محرج
اعتبرالأستاذ سالم لبيض أن ظاهرة الاستقالة من الأحزاب متواترة وأنه هناك رغبة من طرف الكثير من الشخصيات السياسة في البحث عن التموقع من أجل الحصول على مناصب سياسية سواء عبر المشاركة في الانتخابات أو عبر اقامة تحالف .
وأضاف «نظرا لكثرة الاستقالات في الأحزاب السياسية والهجرة من حزب سياسي إلى آخر فان المسألة باتت ظاهرة مشرعنة مقبولة في الثقافة التونسية رغم شذوذ الظاهرة واعطائها الدليل على ضعف الثقافة الديمقراطية والالتزام الجماعي والتقيد ببرامج الأحزاب بدل الشللية وثقافة الدكاكين التي تميزت بها الحياة الحزبية في تونس بعد سقوط نظام بن علي وضمن تغليب المصلحة الذاتية على الالتزام الحزبي والروح الجماعية والالتزام بالمشروع السياسي نفهم كيف استطاعت النهضة والترويكا اختراق مجموعات حزبية وأحزاب تبدو عريقة وصلبة ومتماسكة واستقطاب أفراد من داخلها ,
فهي لا تكسر الحصار الذي ضرب على الترويكا وعلى حركة النهضة فقط بل أيضا تحدث بلبلة وانشراخ في هذه الأحزاب السياسية المقالة عناصرها والملتحقة بالحكومة ومن هذه الزاوية تبرز لنا هشاشة الحياة الحزبية ويبرز لنا كذلك عدم تشكل المشهد السياسي بصفة نهائية وانفتاحه على كافة الاحتمالات الممكنة بما في ذلك اختراق أحزاب أخرى تبدو صامدة وانهيار أحزاب توابع لها . وأكد سالم لبيض على أنه من الناحية الشخصية والقانونية يحق لهم الانتقال ولكن من الناحية الأخلاقية فإن موقفهم محرج وينطوي على كثير من البراغماتية الذاتية وقد يرى البعض في سلوكهم «سلوكا انتهازيا».