دخل حمادي الجبالي رئيس الحكومة الى قاعة المؤتمر الصحفي في حدود الساعة الثانية واثنتين وثلاثين دقيقة بعد الزوال امس وكلّه حماسة ليخبر الشعب بحقيقة ما جرى من مفاوضات وتعطيلات في ما يتعلّق بالتعديل الحكومي المنتظر. الجبالي الذي حاول تثبيت الابتسامة على شفتيه وهو يجلس على منصّة الندوة بمفرده تمسّك بتفاؤله وهو يسرد على مسمع الصحفيين بأنّ المشاورات بشأن التحوير الوزاري لم تنته بعدُ وبأنّه يعتزم تقديم تشكيلة جديدة من الوزراء والمستشارين سترافقه فيما تبقّى من هذه المرحلة الانتقاليّة للمجلس التأسيسي للنظر فيها والمصادقة عليها لأنه: «لم يعد له امكانية الاستمرار في هذا الوضع» على حد قوله.
وذكر الجبالي أنّ التحوير الوزاري يأتي من منطلق التقييم وتحسين الأداء لتنفيذ برنامج جاءت من أجله الثورة. ومن هذا المنطلق «قلنا إنه لا بدّ من توفير المناخ الملائم لإجراء الانتخابات وذلك بعد إجراء حوار وطني شامل لا يستثني أحدا ويقوم على اساس التوافق الوطني حول إحداث الهيئات الثلاث (هيئة الانتخابات وهيئة الاعلام السمعي البصري وهيئة القضاء العدلي) والانتهاء من كتابة الدستور ووضع أجندا واضحة للمواعيد وتوفير مناخ أقل تشنجا وفيه حوار بنّاء غايته التصدّي للعنف بأشكاله وأساسه رفض الصراع المبني على الاستقطاب الايديولوجي دينيا كان أو غيره والاستقطاب السياسي والاجتماعي وضمان مدنيّة الدولة وتحييد الادارة وضبطنا أولويات تقوم بالأساس على مقاومة الفساد لأنّ هذا مطلب من مطالب الثورة وذلك بالتعويض لكل الضحايا من شهداء وجرحى وعفو عام وتحقيق الامن لأن البلاد أصبحت تواجه مخاطر من الداخل والخارج وتحقيق التنمية ومن ذلك التشغيل والتنمية الجهوية ومحاربة الفقر والتصدي لغلاء المعيشة وإنقاذ قفة التونسي وتحسين الخدمات الموجهة إليه والاعداد للانتخابات».
وأوضح الجبالي أن المفاوضات مع الاحزاب حول هذه الورقة التي سمّتها رئاسة الحكومة بالتعاقد السياسي الجديد «كانت فيها مصارحة كبيرة» رغم رفض البعض الدخول في الحكومة ورغم انتقاد البعض لبعض النقاط «فحورنا فيها وعلى هذا الاساس تمت المشاورات والمهم في هذا كله الاتفاق حول الارضية السياسية حتى لمن لم يشارك في التحوير وهذا أمر سندعمه في الحوار الوطني».
وأكد رئيس الحكومة-الذي حاول التمسّك بابتسامته مشيرا الى أنه «ليس متشائما رغم عدم التوصّل الى الاتفاق بشأن التحوير الوزاري لأنه هناك مصارحة وهناك تقييما»- انّ الحوار الوطني بات ضرورة سواء قبلت الاحزاب بالمشاركة في الحكومة أم لم تقبل «فالحوار نتفق فيه داخل التأسيسي وخارجه ويكون جامعا للكل دون استثناء». ولم يخف حمادي الجبالي خيبة أمله من التسريبات التي رافقت انتظار الاعلان عن التعديل الوزاري قائلا: «هذه التسريبات مضرّة فهي أضرّت بالأشخاص وأضرّت بمن سرّبها فغايتنا لم تكن شقّ صفوف الاحزاب أو اختطاف القادة السياسيين».
ودعا الجبالي الى تحييد الجهاز التنفيذي الحياد التام في الانتخابات ويعني بذلك رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة مؤكدا أن الانتخابات التي يجب بحسب رأيه الشخصي أن يشارك في تنظيمها مراقبون دوليون بعدد كبير ضمانا للمصداقية والشفافية ستحمل رسالة أمل إلى الشعب التونسي.
الجبالي ل«الشروق» : أنا رجل وفاق داخل النهضة
قال حمادي الجبالي خلال ندوته الصحفية ردّا على سؤال «الشروق» حول مدى صحّة الخبر الرائج في الساحة السياسية سواء داخل الترويكا أو خارجها بأنّ الخلاف بينه وبين رئيس الحركة راشد الغنوشي مثّل السبب الابرز لتأخّر الاعلان عن التعديل الحكومي :»انا أتشرّف بانتمائي إلى الحركة وحتّى حين كنّا نجتمع في السرّية كان لرئيس الحركة صوت ولأمين عام الحركة صوت وكلّ الخلافات إن وُجِدت تسوّى بطريقة ديمقراطيّة».
وأضاف: «في حزبي أنا اقدّم رأيي كأمين عام وفي الحكومة أنا أتكلّم باسم الكل لذلك أريد أن أكون نقطة وفاق وتجميع وهذا من قرارات النهضة فأنا حتّى لا اقول نجحت في هذا الدور لكن شهادة الكل تؤكّد أنني أريد أن أكون رجل الوفاق».
ولم ينف رئيس الحكومة صراحة وجود هذه الخلافات علما أنّ عددا من السياسيين أكّدوا في وقت سابق أنّ رئاسة الحكومة أبدت رغبتها الحقيقية اثناء التفاوض في البحث عن التوافقات وكانت لديها إرادة قويّة تجاه هذا الامر لكنها لم تلاق الدعم من داخل الترويكا ذاتها.