صرح مصدر مقرب من الحكومة ان حمادي الجبالي يمضي وفق رؤية واضحة لإنجاز تحوير وزاري جدي في مستوى ثقة وانتظارات المواطنين، بعيدا عن التجاذبات والمزايدات ومحاولات إفراغه من محتواه. نفس المصادر اكدت ان الجبالي يحافظ في رؤيته للتحوير على المنهج الذي استنه لدى تسلمه لرئاسة النهضة في الثمانينات وهو «مشروع الأولويات» التي تبدو هذه المرة مرتبطة ب«التقييم المعمق لأداء الحكومة ولكل عضو من أعضائها وتشخيص مقتضيات المرحلة القادمة وتحديد أهداف الحكومة المستقبلية» وهي رؤية قادت رئيس الحكومة الى نتائج ثلاث هي :
الحاجة الى توسيع الائتلاف.
البحث عن اعلى درجات الوفاق.
تعزيز الجهاز التنفيذي الحكومي وإعطائه اكثر نجاعة وفاعلية.
وفي هذا الإطار يأتي تأكيد رئيس الحكومة في خطابه يوم السبت وحديثه باطناب عن الكفاءات الوطنية في الداخل والخارج وضرورة التعويل على التكنوقراط في اطار البحث عن النجاعة وربما أيضاً ردا على منطق الضغط والابتزاز الذي وقع فيه شريكا النهضة ، اي التكتل والمؤتمر، باشتراطات مجحفة وغريبة البعض منها تماهى مع مطالب القوى المعارضة للترويكا نفسها والبعض منها حمل ارتسامات لمشاغل حزبية ضيقة وحتى شخصية.
حمادي الجبالي الذي طلب تعيين محمد بن سالم منسقا عاما للحكومة كما ذكر المصدر، خلافا لما روجته بعض الاطراف من انه، مفروض عليه لتطويقه أو « التقليص» من صلاحياته ، يدرك تماماً ما ينتظره من جهد في المرحلة القادمة لتدارك ما فات الحكومة من وقت لتحقيق برنامجها، وتوفير المناخ الملائم لإنجاز الانتخابات بعد اشهر قليلة . ويدرك أيضاً أن وجهته « المفضلة والحاسمة» للخروج من عنق الزجاجة وإنقاذ البلاد من أزمة سياسية خانقة، قد تكون « القوى الوسطية» .
حمادي الجبالي الذي ظهر يوم السبت الماضي كرجل دولة قبل ان يكون أمينا عاما لحركة النهضة واع بأن «القوى الوسطية والمعتدلة موجودة في كل العائلات السياسية.
هذه القوى بإمكانها كما ذكر المصدر ان تشكل «كتلة تاريخية» بإمكانها إدارة التناقضات والتباينات في وجهات النظر، لبناء أرضية وفاقية تمكن من إنجاح الانتقال الديمقراطي وعلى هذه القوى بالذات يعلق الجبالي آماله لاستثمار الرأسمال التعددي لتونس وهو الكفيل بتجاوز الخلافات والالتقاء حول المصلحة الوطنية» .
وفي خصوص الدعم الذي يحظى به حمادي الجبالي في حركة النهضة أوضح المصدر الذي لم يكشف عن اسمه ان أمين عام النهضة يحظى بالدعم الكامل من حركته وانه يعول في ذلك على القوى الوسطية المعتدلة وعلى شرائح واسعة أخرى لن تتأخر عن دعمه في النهاية» .
وعن الضغوطات التي قد يكون مارسها عليه مجلس الشورى لحركة النهضة يقول المصدر ان: «الجبالي حصل دائماً على ثقة مؤسسات حزبه خاصة خلال مؤتمر جويلية الماضي وداخل مجلس الشورى حتى وان كانت النقاشات غير بسيطة أو سهلة».
النهضة هي احد الأحزاب النادرة التي تحترم في اتخاذ القرارات مسارا مؤسساتيا وليس شخصيا وهي تمنح حرية كبيرة لمؤسساتها. وداخل الحزب تيارات مختلفة وبإمكان الأقلية ان تعبر عن رأيها بصورة أقوى من التيارات الأخرى ولكن الجميع يقبلون في نهاية المطاف القرار الذي يتخذ « المصدر اضاف ان مجلس الشورى الذي عقد 8 دورات منح في دورته الأخيرة حمادي الجبالي تفويضا مطلقا في ما يخص التحوير واختيار من يراه مناسبا من بين قائمة من الشخصيات المتفق عليها».
وفي خصوص تشريك نداء تونس في الحكومة أوضح المصدر ان: «حزب الباجي قايد السبسي ليس معنيا حاليا بالمشاركة في الحكومة، ويبقى احتمالا ممكنا في إطار توسيع الائتلاف الحاكم مستقبلا».
رهان حمادي الجبالي على الوسطيين والوفاق لتامين الانتقال الديمقراطي ، قد تشجعه مواقف رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي المصرة على الحفاظ على الترويكا من جهة والداعمة بقوة من جهة أخرى لحوار وطني لا يستثني اي طرف وهو الامر الذي سارع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بالاستجابة إليه والترحيب به رغم الفيتو الذي رفعته أطراف عديدة داخل النهضة على الحوار مع نداء تونس.