يتكرر سيناريو استغلال عدد من المنحرفين والمخربين للاحتجاجات السلمية للسرقة والاعتداء على أملاك الغير وهذا ما حدث يوم الاربعاء الماضي عندما كانت مكونات المجتمع المدني تحتج على اغتيال شكري بلعيد في شارع الحبيب بورقيبة. استغل المنحرفون كالعادة الاجواء المتوترة والمشحونة وحاولوا الاعتداء على المحلات التجارية وسرقتها بباب الجزيرة بتونس العاصمة. وفي تلك اللحظة كان ناظر الأمن الشهيد لطفي الزار يقوم بواجبه المهني وتفطن لهؤلاء المنحرفين فتصدى لهم الا انهم هجموا عليه بدورهم واشبعوه ركلا وضربا وعنفوه تعنيفا شديدا كما اصابوه بحجارة على مستوى الصدر نقل على اثرها الى المستشفى اين اسلم الروح في ساعة متأخرة من مساء الاربعاء .
المرحوم لطفي الزار والبالغ من العمر 46 سنة ترك وراءه أربعة أطفال لم يتفطن لموته الساسة وقادة الاحزاب بالخصوص وانشغلوا بالتنديد بفاجعة اغتيال المناضل شكري بلعيد .
هذا التصرف يكشف ان بعض النوايا غير سليمة ومن المفروض ان يبتعد قادة الاحزاب عن التعامل بسياسة المكيالين وان يقع ايلاء حادثة قتل عون الأمن حيزا من اهتمامهم وان يقع التنديد بالعنف المسلط من قبل بعض فئات المجتمع على اعوان الأمن وان يبينوا ان رجل الأمن لم يعد يشعر بالامان فكيف له ان يفرض الأمن والاستتباب لان فاقد الشيء لا يعطيه كما هو معروف .
وهذا الحادث الذي راح ضحيته السيد لطفي الزار لم يكن الوحيد ونتمنى ان يكون الاخير عندما يدرك بعض المتصيدين في الماء العكر ان العنف واستهداف اعوان الأمن ليس في صالح تونس بكل حال من الاحوال .
اعوان الأمن مستهدفون ومعرضون للاستفزازات خلال كل تحرك سلمي يقع في تونس وهو ما حدث يوم الاربعاء الفارط . من جهة اخرى علينا ان نعي ان المهمة المناطة بعهدة السياسين وقادة الاحزاب الان هو التوقف عن تبادل التهم واستخلاص العبرة من هذه الحادثة الخطيرة التي أودت بروح شكري بلعيد وناظر الأمن لطفي الزار وان يكونوا حريصين على عدم الانجرار وراء الفتنة واشعال حرب التهم بين الفرقاء السياسين . لان هذه المهاترات وتبادل التهم لن تساهم في حل المشكل بل بالعكس ستزيد في تعميقها والخاسر الوحيد في النهاية هي تونس وشعبها الذي عانى طويلا من الظلم والاستبداد . وان يحافظوا على تونس باعتبارها بلدا مسالما ويعرف شعبها بنزعته نحو السلم الاجتماعي وابتعاده عن الدموية والعنف الدموي منذ قرون من الزمن .