شكّلت حادثة اغتيال المرحوم شكري بلعيد منعرجا خطيرا في حياة التونسيين اذ فقدوا الشعور بالأمان بعد أن تم اختراق الخطوط الحمراء التي لم يكن التونسي يعتقد يوما أنها ستخترق. فالاختلاف بين الساسة لم يكن يتخطى حالات عنف لفظي أوجسدي لكن أن يتحول الاختلاف الى تصفية بالسلاح في وضح النهار فهو جرح عميق أصاب كل مواطن مما أحدث تغيرا على سلوك التونسي اليومي وتوقعاته للمستقبل. «الشروق» تحدّثت الى عدّة مواطنين وكانت اجاباتهم لا تخفي الخوف الذي أصبح عليه التونسي في ما يسمى بمرحلة ما بعد اغتيال شكري بلعيد.
الأمن أولوية
في البداية ذكر فريد الهاني «لم يعد التشغيل وغلاء المعيشة هو مشغل التونسي بل ان الأمن هو أولوية المرحلة الحالية... فالهاجس الكبير الذي يخشاه جلّنا هو تكرر سيناريو الاغتيال مرّة أخرى لا قدر ا& ». وأضاف محدّثنا أنه بلا أمن لا وجود لاستثمار ولا استقرار... ولا حظ «لم نعد نشعر بالأمن حتى في منازلنا الكل يخاف من عصابات النهب والسرقة والاغتيال والبراكاجات... صور مروّعة عشناها عند تشييع جثمان بلعيد وتزيد مخاوفنا خاصة وأن حدودنا مباحة»... وأضاف مصدرنا لم نشاهد مطلقا حوادث اغتيالات في تاريخ تونس منذ الاستعمار واليد الحمراء، وأي حادثة مماثلة لا قدر ا& ستحرق ما تبقى من هذه البلاد.
مواصلة المشوار
أما السيد حسن البلطي فقد ذكر أن المواطن فعلا أصبح يشعر بأنه مهدّد في أمنه وأمن عائلته وبلاده، لكن هذه الحادثة جعلته أكثر قوّة واصرارا على مواصلة النضال... ولاحظ أن كل الاحتمالات مفتوحة وقد يحدث اغتيال آخر لا قدر ا& في ظل تواصل الانفلات الذي تعيشه البلاد وفي ظل وجود عصابات تحمل سيوفا وعصيّا وأسلحة مختلفة منتشرة في مختلف المدن كل هذا جعل التونسي يغيّر سلوكه فلم يعد يخرج من منزله ليلا، كما لا يطمئن الا عندما تجتمع كل أفراد العائلة، كما تجعلنا هذه المخاوف نلتفت يمينا وشمالا ونشك في كل حركة غير عادية كل شيء أصبح يدعو الى الخوف في تونس لكن رغم ذلك سنواصل النضال حتى نرى بلادنا كما حلمنا بها.
... وتستمر الحياة
من جهتها ذكرت السيدة نجاة الهمامي أن الأمن هو الهاجس الوحيد للتونسي اليوم بعد حصول أبشع جريمة عاشتها تونس والتي قد تتكرّر لذلك فإن السيدة الهمامي تتفادى الخروج ليلا أو التنزه صحبة أولادها وعائلتها كما «أصبحت كغيرها من الأمهات تنفق أكثر مالا على الاطمئنان على أبنائها عبر الهاتف» وتضيف «تضاعفت مرّات اتصالاتي بأبنائي وزوجي للاطمئنان عليهم. كما لم أحد أخرج من البيت الا لقضاء حاجاتي الضرورية وأتتبع الاخبار للاطمئنان على بلدي وشعبي «وربي يستر...».
غياب الأمن
بدوره يذكر السيد محمد أنه يخشى أن تتكرر جريمة الاغتيال مرّة أخرى في تونس ويضيف لم نعد نعيش حياتنا كما كنّا في السابق حتى في منازلنا أصبحنا لا نشعر بالأمن ونتوقّع أي عمليات اعتداء على أبنائنا وممتلكاتنا وأرواحنا... هناك تسيّب كبير يجعلنا نخاف حتى ونحن في حيّنا ومع جيراننا... ما الذي قد يجعلنا نطمئن وشكري بلعيد قتل أمام منزله؟! كل ما نألمه اليوم هو الأمان...
تأمينات
كذلك السيدة منية هي مقيمة بالعاصمةتقول لم أخرج من منزلي الا اليوم (أمس) منذ حادثة اغتيال بلعيد كما ضاعفنا تأميننا لمنازلنا عبر مزيد تأمين النوافذ والأبواب وتعزيزها بالشبابيك والأبواب الحديدية الواقية الى جانب استعمالي للهاتف باستمرار للاطمئنان على عائلتي... وتضيف محدثتنا أن خطاب الساسة بدوره غير مطمئن وتواصل اختلافهم لا يبعث على الراحة. أما عصام فرغم الخوف الذي غيّر سلوكه الا أنه لا يتوقع أن يحدث في تونس اغتيال جديد رغم العصابات والسلاح الذي تبثه القنوات التلفزية من يوم الى آخر.