مدير التزويد والأسعار: توريد كميّات من اللحوم المبرّدة بمناسبة عيد الأضحى    الحماية المدنية: 95 تدخلا لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    لماذا يُسمّى عيد الأضحى ب''العيد الكبير'' في تونس؟    ما الجديد في عيد الأضحى 2025 بفرنسا؟    6 سنوات سجن لفتاة أشرفت على الجناح الإعلامي لتنظيم "داعش" في تونس    نعيم السليتي يمدد عقده مع نادي الشمال القطري    بكالوريا 2025: وزارة التربية تدعو المترشحين للاطلاع على أعداد المراقبة وتقديم مطالب الاعتراض    جريمة مروعة تهز بلجيكا ضحيتها شاب تونسي..وهذه التفاصيل..    بعد ذبح الأضحية... ما الذي يُستحب للمُضحّي فعله؟    هل أن ''الكرموس'' يخفض الكوليسترول الضار؟ إليك الإجابة العلمية والفوائد الصحية الكاملة    نابل: حريق يأتي على نحو 2.5 هكتار من حقول القمح في بوعرقوب    إدارة ترامب توقف الطلبات الجديدة لتأشيرات الطلبة والزائرين وتشدد فحص وسائل التواصل الاجتماعي    الزيادة في أجور القطاع الخاص: اتحاد الشغل يرفض التفاوض في الجانب المالي فقط    ثنائي النادي الافريقي لكرة اليد اسامة الرميكي وطه السماوي يعززصفوف اهلي طرابلس الليبي على سبيل الاعارة    سيدي بوزيد: خطوة أولى نحو مستشفى ميداني بالمزونة في انتظار موافقة وزارة الصحة    منظمة إرشاد المستهلك: أسعار أضاحي العيد خيالية وتجاوزت المتفق عليه    السفارة الأمريكية بتونس تحتفي بذكرى ميلاد ابن خلدون    أكثر من 1500 عامل في السياحة يطردون قبل إصلاحات قانون الشغل    دعاء أول أيام ذي الحجة...أيام مباركة وفرصة للتقرب من الله    5 مصابين في إطلاق نار داخل مركز تسوق بولاية أميركية    عاجل/ اصدار بطاقات ايداع بالسجن في حق هؤولاء المسؤولين..    الصين: قتلى ومصابين في انفجار بمصنع كيماويات    طقس اليوم: رياح قوية نسبيا بهذه المناطق والبحر مضطرب    سلوك مقلق.. الذكاء الاصطناعي يهدد كل من يحاول إيقافه!    مسرحية "وراك" لأوس إبراهيم… لعبة الوجود بين الوهم والحقيقة    عاجل/ احتراق حافلة تابعة لشركة نقل تونس: اعفاء هذا المسؤول من مهامه..    عاجل/ تصل الى 3000 دينار: نقابة الفلاحين تكشف أسعار الأضاحي المتداولة حاليا في السوق..    برشلونة يمدد عقد الأمين جمال حتى 2031    تونس تؤكد تمسّكها بتعزيز التعاون الإفريقي وتدعو إلى مقاربة جديدة للتكامل بين دول القارّة    وزير التجهيز يتفقد أشغال تقوية الطريق السيارة A1 ويعلن قرارات جديدة لتحسين انسيابية المرور    تكريم الباحثة الكورية كريمة كيم بجائزة ابن خلدون 2025 لترجمتها "المقدمة" إلى اللغة الكورية    توزر - مدنين: نجاح عمليتي قسطرة قلب عبر منصة نجدة الرقمية    قبل مواجهة تونس والبنين.. تصريح غريب للركراكي مدرب المغرب    حماس.. ما حدث برفح يؤكد فشل آلية المساعدات المشبوهة    بسبب فضيحة.. استقالة قاض في محاكمة وفاة مارادونا    ثبوت رؤية هلال ذي الحجة في تونس، و 6 جوان هو أول أيام عيد الأضحى    في سابقة هي الأولى من نوعها: نجاح عمليتي قسطرة قلب عبر منصة 'نجدة' الرقمية    طقس الليلة    صادرات زيت الزيتون التونسي المعلّب سجلت ارتفاعا بنسبة 2 ر57 بالمائة حتى موفى افريل 2025    من 29 إلى 31 ماي : مهرجان جازيت لموسيقى الجاز العالميّة ينتظم في دورته الأولى.    عاجل/ أضاحي العيد: منظمة إرشاد المستهلك تحذّر..    بطولة فرنسا المفتوحة للتنس: ميدفيديف ينهار ويخسر أمام نوري في الدور الأول    عاجل: السعودية تُعلن الجمعة أوّل أيّام عيد الإضحى    بلجيكيا : مقتل شاب تونسي طعنا بسكين    مدنين: إقلاع رحلة حجيج الجهة الثانية والأخيرة من مطار جربة-جرجيس الدولي    ضبط شاب يزرع "الماريخوانا".. #خبر_عاجل    عاجل/ نسبة امتلاء السدود تتجاوز 41%    ب5 دنانير فقط: احجز مكانك لمتابعة نسور قرطاج ضدّ بوركينا فاسو في رادس!    قفصة: توفّر 59 ألفا و500 رأس من الأضاحي    خبراء لغة الجسد يفنّدون رواية ماكرون عن الصفعة التي تلقاها من زوجته    جمعية "المسعف الصغير" تنظم يوم الأحد المقبل الدورة الثانية من مهرجان أوسكار المسعف الصغير للأفلام القصيرة    نحو اقامة نهائي بطولة الرابطة المحترفة الثانية في 3 او 4 جوان القادم بأحد ملاعب ولاية سوسة    اليوم تحري هلال ذو الحجة..    دراسة: الجلوس لفترات طويلة قد يسبّب الزهايمر    5 نصائح لتلاميذ الباكالوريا من غير توتر ولا ضغط    توزر...الدورة الثانية ل«كتاتيب الجريد» إشعاع المستقبل    سيدي بوزيد...الملتقى الجهوي للكورال    باردو... في مسابقة التلاميذ سفراء المتاحف والمعالم الأثرية.. تتويج التلميذتين إسلام السياري من باجة ونهر الوحيشي من المهدية    









مع الأحداث : أوروبا ومسألة الشرعية
نشر في الشروق يوم 16 - 02 - 2013

حتّى ذلك التعريف الذي وضعه عالم الاجتماع والسياسة «ماكس فيبر» حول الشرعية، أصبح متجاوزا بمنطق الزمن والتغيّرات. والشرعية في تعريفها ليست صنما يعبد، أو هيكلا مقدسا لا يأتيه الباطل من الأمام أو الخلف، ومن تحت أو فوق، إنها مفهوم يتمطّط حسب الظروف، وحسب الأهداف.

وإذا كان المنطق يقول بأنه لا شرعية فوق شرعية القانون وما يفرزه، فإن العالم الذي أنتج الديمقراطية وطبّقها، وفاخر بها وروّجها خصوصا بعد أن انتهى التاريخ كما قيل في أوائل التسعينات لم يقبل بنتائج شرعية القانون والانتخابات، ليس أدلّ على ذلك بما حصل في النمسا مع السيد «يرغن هايدر» وحزبه القومي الشعبوي الذي كان يطلق عليه اسم الحزب النمساوي للحرية، حين رفض الاتحاد الأوروبي التعامل معه إذا ما هو صعد للحكومة وذلك بعد حصوله سنة 1999 على 26.9٪ من أصوات الناخبين، بل اعتبر الأوروبيون صعود ذلك الوجه خزيا وعارا لأوروبا التي لا يمكن أن تقبل بوجود حزب يميني متطرّف في الحكم. ومن المآخذ التي كانت توجّه الى الوجه، هي علاقته غير المعلنة والمواربة مع تنظيمات هي عبارة عن ميليشيات تدعو الى ثورة ضد تاريخ أوروبا، وتريد أن تبث ثقافة للإقصاء، وتسعى الى تركيز خطاب لا تقبل به أوروبا. وانصاعت النمسا كلها ولم ينصع «يرغن» وحزبه لوحدهما. وعادت الشرعية الى ما لا يناقض ما تعتبره أوروبا حرية، وتمّ تجاوز نتائج الانتخابات وكأنها لم تكن، وألغيت ما أفرزته الصناديق غير مأسوف عليها.

إن هذه الحادثة تعني الكثير، وتنسّب الأشياء، فهي حرمت حزبا من ممارسة السلطة حتى قبل أن يضطلع بمهام الحكم، وبسبب هذا الرفض لم يحصل الحزب المذكور في الانتخابات التالية على أكثر من 4.2٪ فقط من الأصوات لأنه تمّ توجيه الناخبين صوب دائرة معيّنة للاختيار فلا مجال في الفضاء الأوروبي لا للغلوّ ولا للإنفلات، حتى إن زكتهما الصناديق، ورشحتهما أصوات الناخبين.

إن أوروبا ثقافة، وفضاء، ومصالح، ومن لا يفهم هذا الثالوث، لا يمكن أن يوفّق في ممارسة السياسة، وهي ثقافة تريد أن تشعّ على ما حولها، وتريد أن ترى في الفضاءات التي حولها ما يشعّ عليها، فتقبل به ذائقتها وتتقبله مصالحها، ولها في هذا المضمار أساليب ناعمة كثيرة، وقوة حريرية لكنها ضاغطة كل الضغط إذا ما دعت الحاجة الى ذلك.

وليس خافيا أن لا أحد يزكّيه الناس ليفعل بعدها ما يشاء، خصوصا عندما تتحوّل الشرعية الى وسيلة وليس أداة، وعندما تتجاوز المهجة العامة لترسو لدى إدارة معيّنة تعكس طرفا أو فصيلا أو جماعة، ولا تنتبه أيضا الى الأرقام والنسب الحقيقية للانتخابات وكيفية توزيعها بين الشرائح والطبقات وفهمها كما هي، خصوصا في المراحل الانتقالية التي لا تنجح الا بالتهدئة ثم التوافق ثم الاتفاق. لذلك فإن المزج بين الشرعيات في مثل هذه المراحل يبقى ضرورة، أي المزج بين الشرعية القانونية، والشرعية التوافقية، معا، ويمكن أيضا ابتكار شرعية وطنية تدرأ من خلالها المخاطر، وتكفّ التوترات، ولا تحتد المواجهات.

أما ركوب الرأس، والرّهان على العنف (وأشكاله متعددة) والتمسّك بالاقصاء. فكلّها لن تجدي نفعا، وإن كانت بعض العقول والنفوس تتصوّر أن لها من الذكاء ما يجعل الحيل تنطلي على الداخل والخارج معا. أو أن لها من القوة ما يخيف الغير ويجبره على التسليم، أو أن لها من الشحنات العاطفية ما يهدّد الذات والآخرين معا بالدمار الشامل، فهذا أوّلا لا يليق ثم إنه غير ممكن.
إن المخرج الوحيد هو استعمال العقل، والانخراط التاريخي في حوار وطني شامل مع جدول أعمال جديد، خال من التوترات الثورية خصوصا الكاذبة منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.