رأي الوزير الليبي الأسبق الأستاذ عبد القادر غوقة في لقاء مع «الشروق» أن الثورة الليبية لاتزال تواجه تحديات ومصاعب جمّة لكنها قادرة على الوصول الى أهدافها... ولو بعد فترة طويلة. السيد عبد القادر غوقة حذّر من وجود «ألغام» تهدد ليبيا في الداخل اليوم لكنه حذّر من أن الخطر الأساسي يبقى «خارجيا» برأيه.
وفي ما يلي هذا الحوار:
بداية كيف ترصد، أستاذ عبد القادر مسار الأوضاع في ليبيا اليوم بعد مرور عامين على «ثورتها»؟ اعتبر أن ما تمرّ به البلاد في هذه المرحلة في الحقيقة أمرا طبيعيا فنحن اليوم إزاء عملية تغيير وإعادة بناء.. والتغيير ليس عملية سهلة بل يحتاج الى وقت طويل...
وهذا المناخ هو مناخ جديد وكان متوقعا حدوث بعض المشاكل التي تواجهها البلاد ولكن علينا ان ننظر بإيجابية الى المستقبل الذي عكسته احتفالات الشعب الليبي بثورته هذه الايام... وجماهير شعبنا لا تزال مصرّة على إكمال ثورتها التي قطع أشواطا مهمة في تحقيق أهدافها... لكن هذا لا ينفي ان هناك ألغاما وجب العمل على تفكيكها. إذا كانت الأوضاع بهذه الصورة الايجابية كما توصفها، فكيف نفهم إذن قيام السلطات الليبية بإغلاق حدودها مع جيرانها لمجرد الاحتفال بذكرى الثورة؟
هذا بلا شك كان خطأ.. نعم نحن نثق في إدارة الدولة الليبية وفي من انتخبناهم لكن المسؤولين يبدو ان لديهم معلومات وحقائق أكبر حول حقيقة هذه الأوضاع.. وعلى أية حال أنا أرى أن هذا الموقف كان فقط لمعالجة «حالة خاصة».. والآن عادت الحياة الى طبيعتها بين ليبيا ومختلف جيرانها.. أشرت في معرض حديثك الى «ألغام» لا تزال تنتظر التفكيك... ما هي إذن هذه الألغام... وما مدى خطورتها؟
1 الفرقة التي بدأت تطل بقوة والمتمثلة في ظهور قوميات متعددة كل يدافع عن قوميته... وهذا للاسف أمر مؤسف وخطير خاصة في ظل وجود محاولات من جهات أوروبية وفرنسية لإذكاء النعرة الطائفية بين هذه القوميات وإحداث فتنة بينها.
2 التدخلات الخارجية في شؤوننا.. لأننا حين نرى دولا تجتمع في باريس من أجل ليبيا وأمنها كما يدّعون فهذا الأمر يضمر نقيض ما يظهر.. لأن هؤلاء يهمهم النفط الليبي وإثارة الانقسامات في المجتمع الليبي، بما يسهّل تدخلهم في الشأن الليبي وتحقيق أطماعهم.. وفي الحقيقة لدي حقائق ومعطيات رسمية تثبت سعي دول عربية الى نشر الفتنة في ليبيا.
3 فوضى السلاح... وهذا الخطر موجود وحقيقي ولكنه خطر آني... ولكن التهاون في مواجهته سيؤدي الى تحوّله الى خطر دائم... وقد يفضي في النهاية الى إجهاض الثورة الليبية وانتكاسها... أنا لا أخفي أن هناك أناسا انتهازيون يستخدمون السلاح لغايات خاصة... ولكن ما أؤكده ان سيناريوهات الفتنة والحروب الأهلية في ليبيا غير واردة ولن تمرّ.
هناك ظاهرة جديدة أطلّت في الفترة الأخيرة على «واجهة» المشهد الليبي تتمثل في الكونفيدرالية و«الاستقلال» الذي تعالت به بعض الأصوات في جهات ليبية عدة... وما توصيفك لهذه المسألة.. وماذا عن أبعادها وأهدافها؟
نعم هي ظاهرة جديدة كما تفضلت ولكن لا يجب برأيي التهويل منها وتصويرها على أنها شرارة للتقسيم في ليبيا، المشكلة ان هناك أطرافا تذكي هذه «النار» ومن يحاول ان يستخدم هذا الموضوع كورقة لتفجير ليبيا وتقسيمها... وهذه الأطراف هي بالأساس أطراف خارجية لكن على العموم لا أرى أن هناك ما يستدعي الخوف من الانفصال في ليبيا...
حادثة اغتيال السفير الأمريكي ببنغازي لا تزال تلقي بظلالها في سماء المشهد الليبي وتثير مخاوف غربية على وجه الخصوص من خطر الميليشيات... فما مدى قدرة السلطات الليبية الجديدة على تجاوز هذه المسألة برأيك؟
نحن بالتأكيد لسنا مع القتل والاغتيالات... ثقافة الموت هذه سنحاربها... وحرق السفارات هذا لا يمكن أن نقبله... ولكن أعتقد ان هناك توجها أمريكيا لا يزال قائما للركوب على حادثة اغتيال سفير الولاياتالمتحدة ببنغازي للتدخل في شؤوننا الداخلية وفي قراراتنا السيادية.. الشعب الليبي اليوم لا يمكن أن يقبل بهذين الأمرين، لا اغتيال السفير الأمريكي ولا التدخل الأمريكي في شؤوننا... والجميع أدان هذه الحادثة لكن هذا لا يعني أيضا أن أمريكا بريئة...