في منطقة المرازيق بولاية بنزرت تقطن عائلة متكونة من 5 أفراد في أدنى مرتبة من سلم العيش الكريم ويعيلها مريض بالقلب و«بوصفير» في الكبد وترتزق بمنحة العجز 100 دينار مما عمق من الفقر المدقع الذي تعيشه . هي عائلة العم علي بن عمر الجباري عمره 45 سنة وزوجته وأمه وابنيه إيمان عمرها 14 سنة وأمير 16 سنة اللذان توقفا عن الدراسة في سن مبكرة نتيجة الفقر المدقع الذي ترزح تحت عبئه العائلة. عند دخولنا منزل العائلة المفتقد لمقومات العيش الكريم سوى بعض الفراش المتهرئ وموقد صغير اعتلاه الصدأ وأواني قديمة شارفت على النهاية وجدران كلها رطوبة.
هالنا الفقر الذي يخيم على المكان وهالنا أكثر مشهد يأسى له القلب وهو مشهد رجل ملتحف بغطاء مهترئ ممدد على الأرض ويداه ترتعشان إنه العم علي الذي ائتزر بمئزر الصبر على «الفقر» وعلى الأمراض التي أصابته منذ 13 سنة ألا وهي مرض القلب و«بوصفير في الكبد» مما ألزمه الفراش وتوقف بذلك عن العمل «كعامل يومي في الشوانط» ويقول بأنه تفطن لمرضه عندما أغمي عليه فذهبوا به إلى المستشفى الجهوي ببنزرت أين بقي أسبوعا في غيبوبة لينهض على «حقيقة مرة» كان يحكي وسط تنهدات ودموع تعبر عن الحزن العميق الكامن في قلبه على مرضه وعلى فقرهم الشديد.
و تقول إيمان وقد أجهشت بالبكاء بأنهم يملكون دفتر علاج مجاني «لكن أكثر وأفضل الأدوية نشتريها من الصيدلية ومنحة العجز لا تكفي للأكل والشرب وشراء الأدوية فنعيش بالقليل القليل» وتصف حالة والدها قائلة: «يداه دائمتا الارتعاش ولا يقف سوى بعض الثواني بمساعدتنا» وترسل هذه الطفلة البريئة نداءا عاجلا لمد يد العون ليعالج والدها في أحسن المستشفيات وليعيشوا ولو لحظة من الزمان حياة مترفة نسبيا وتتمنى أن تجد عملا تساعد به عائلتها وهذه الأمنية لطفلة صغيرة لهو دليل عن قمة الشقاء الذي ترزح تحته العائلة .هذه العائلة لا تتمنى أن يعود الزمن 13 سنة بل تتطلع للنهوض بها ومساعدتها في كسر حزام البؤس الذي يطوقها وإنقاذها من بين أنياب فقر حادة يمزقها أشلاء.