تعيش البلاد منذ اغتيال شكري بلعيد ازمة سياسية «خانقة» ازدادت حدتها بعد تقديم السيد حمادي الجبالي لاستقالته من رئاسة الحكومة، هذا الوضع يتطلب من كل الاطراف الحزبية والمجتمع المدني والمواطن تحمل المسؤولية للوصول بالبلاد الى بر الامان. وقد بدت الأستاذة سوسن الريحاني المحامية والناشطة في المجتمع المدني متفائلة واعتبرت ان ما يحصل في تونس هو مظهر صحي وأن ما كنا نعتقده من العيش على نفس النسق المسار ذلك هو العيب والعلة في الحياة السياسية وأشارت أن الحل هو ضرورة تجاوز الخلافات والمصالح السياسية الضيقة والعمل على خدمة مصلحة الوطن بعيدا عن التجاذبات التي أثرت على الحياة الاجتماعية والسياسية.
من جهته ذكر السيد طارق التوجاني المنسق الجهوي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أن حزبه قد عبر عن موقفه من الوضع الراهن للبلاد وهو يدعو الى مؤتمر وطني للانقاذ يهدف الى ضبط خارطة واضحة للمرحلة الانتقالية بمختلف ابعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية الى جانب مؤتمر وطني للتصدي للعنف ودعا كل القوى التقدمية والديمقراطية الى تحمل مسؤوليتها وانجاح هذا المؤتمر .
ودعا الى ضرورة التصدي لظاهرة العنف وكشف الحقيقة كاملة في اغتيال الشهيد شكري بالعيد وأكد على ضرورة تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في هذه الجريمة.
السيدة سعاد الخلولي المنسقة الجهوية لشبكة «دستورنا» رأت أن الخروج من هذه الأزمة التي سارت اليها البلاد لن يكون الا بتحديد موعد الانتخابات وتحديد برنامج واضح لتسهيل مهمة الحكومة المقبلة مع الاسراع في صياغة الدستور ليوضح نوعية النظام دون أي اعتبار لأهمية الاشخاص لأن المهم هو ما سينجز للفترة المقبلة. وايلاء الملف الأمني حيزا كبيرا من الاهتمام لدفع عجلة التنمية والتشجيع على العمل وجلب الاستثمار.
صعوبات لم ترتق الى مستوى الازمة
السيد شكري الدجبي.. اعتبر ما تمر به البلاد صعوبات لكنه نفي وقوعها في أزمة ما دامت دواليب الدولة تعمل بصفة عادية مؤكدا أنه سيكون لهذه الصعوبات مخرج وقد خرجت تونس من عدة أزمات قبل الآن وذلك بفضل جهود مختلف الأطراف السياسية في البلاد المؤمنة بأهداف الثورة لتجاوز الوضع في القريب العاجل وقد اعتبر السيد شكري أن ما حدث مطمئن وليس محيرا مضيفا : « وقد اعتدنا فيما مضى بالركود فما حدث اليوم هي آليات نقدرها وهي ليست بالأمور السلبية».
اما السيد شكري فطاحلية ناشط في المجتمع المدني فقد اعتبر أنه من المفروض أن تضع الأحزاب والفرقاء تونس صلب أعينها وتتناسى مصالحها السياسية مؤكدا على ضرورة وضع خارطة طريق واضحة تحدد موعد الانتخابات والهيئات الدستورية لتأسيس الديمقراطية المنشودة، كما أكد فطاحلية على ضرورة التعجيل بكتابة الدستور واعداد هيئة مستقلة للانتخابات وللقضاء وللاعلام .
هذا وقد دعا الى ضرورة نبذ العنف وذكر أنه قد وقعت الدعوة من قبل مختلف نشطاء المجتمع المدني الى لجنة جهوية لمقاومة العنف والتعصب وذلك بمشاركة مختلف الأحزاب. صراع ايديولوجيات
وقد اكد السيد بشير القابسي رئيس جمعية الديمقراطية التشاركية أن المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد هي بالأساس نتاج لعدة عوامل أبرزها الكبت السياسي الذي عانت منه النخبة طيلة عقود من القهر والظلم وهو ما جعل الصراع الحالي صراع إيديولوجيات وليس اختلافا ديمقراطيا يمكن أن تستفيد منه البلاد وأضاف محدثنا أن هذه المرحلة هي بالأساس مرحلة انتقالية والاختلاف لا يعني بالضرورة صراعا وعنفا بل يمكن أن يكون تطورا ونموا ولتنجح هذه الفترة يجب تركيز مؤسسات تضمن بناء دولة ديمقراطية على غرار هيئة للقضاء وأخرى للاعلام وأخرى للانتخابات .وختم محدثنا بضرورة تفعيل المقاربة التشاركية وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية حتى لا نعود الى ما كنا عليه قبل الثورة .
من جهته اكد الدكتور زهير بن يوسف نائب رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان بالجهة انه يجب على الحكومة المقبلة اتخاذ اجراءات عاجلة وناجعة لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وضمان حياد الادارة في شتى المستويات مركزيا وجهويا ومحليا وتحييد وزارة الداخلية والعدل عن كل التجاذبات الحزبية ومراكز النفوذ سيما المتصلة بالدولة والنأي بها عن كل الأجندات الانتخابية مع ضرورة اصلاح المنظومة الأمنية والسجنية .
وأكد الدكتور بن يوسف أن الحقوقيين جميعا يؤكدون على ضرورة أن تأخذ الحكومة الجديدة بعين الاعتبار ما طرحه السيد الجبالي من شروط عامة كالكفاءة والحياد والشرعية والتوافقية لأنها شروط التجاوز الحقيقية والعميقة التي تمليها المصلحة العليا للبلاد في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية التي تمر بها تونس والتي تتطلب تحلي كل التونسيين باليقظة التامة وبأعلى درجات الوطنية .