عن مختلف تجاربه وتوجهاته الفنية حدثنا الممثل فؤاد ليتيم في حوار مثير جمعه ب «الشروق» بعد عرضه مسرحية «نيكوتين» بالمسرح البلدي بسوسة عكس عمق ثقافته المسرحية وثقته بإمكانياته الفنية وهذه التفاصيل. بعد تجارب في المسرح الفردي ترجع إلى الجماعي في مسرحية «نيكوتين» كيف تقدم لنا هذا العمل؟
إنها قراءة لأنفسنا فنقد الآخر يمر حتما بمرحلة نقد أنفسنا من حيث نشأتنا وكيفية تربيتنا وكيف نتعامل مع بعضنا البعض ومنها يمكن لنا نقد الآخر مثل السياسيين وغيرهم لذلك وجب الاشتغال على ذواتنا بعيدا عن التصوير السلبي من خلال نقد هادف بناء، فكانت هذه المسرحية نتاجا للقاء ثلاثة أشخاص يمثلون جزءا من هذا الشعب.
هل أثر النقد السياسي سلبا في علاقتك بفئة على حساب أخرى في ظل تعدد الأطياف الحزبية؟
لا والحمد لله فالفنان أكيد أنه متشبع بأفكار ومثله مثل بقية أفراد المجتمع متسيّس ولكن هناك شيء من الكونية في تصرفاته وفي أعماله مما يجعله ينأى عن البوتقات الضيقة والحسابات الشخصية لانتقاد شخص على حساب آخر ونحن إن ننقد أشخاصا فقد نقدنا ذواتنا في حقيقة الأمر من خلال بعض التوجهات. والنقد لا يعترف بالمحسوبية بل يفرض على الفنان الموضوعية والنزاهة ومعاملة الكل بنفس الروح المستقلة عن كل الحسابات الضيقة حتى ولو كان الأشخاص الذين ننقدهم من المقربين لنا فالبالعكس النقد ليس هدفا بقدر ماهو وسيلة للبناء وتطوير الذات، والفن ملتزم بالضرورة فحتى قبل الثورة لم نكن متواطئين بل كنا لا نجاهر بالنقد ونعتمد أساليب ذكية لتمرير نقدنا محاولين أن نكون أذكى من السلطة السياسية وسنكون أوفياء لذكائنا الخاص في النقد بدون ثلب أو سب أو المساس بالجوانب الانسانية.
حضورك في قناة «نسمة» أفاد فؤاد الممثل أم فؤاد المواطن؟
أفاد فؤاد المواطن إلى حد ما وهذا الظهور كان له ثمن ولكن ماديا ليس بالشيء الكثير وإنسانيا دفعت الثمن غاليا لأن ذلك الظهور كان على حساب عائلتي حيث كلفني الوقت الكثير وفي نفس الوقت كانت فرصة حتى يتعرف الجمهور العريض على إمكانياتي الفنية لأن ما قمت به في قناة نسمة هو نفسه الذي كنت أقوم به في المسرح ولا أزال ف «نسمة» كانت بالنسبة لي وسيلة للشهرة لا غير وحظيت مثل كل فنان هناك بالإعجاب ونقيضه. ولكن في العموم استفدت وكذلك أفدت حيث كانت شعبية قناة نسمة في تلك الفترة محدودة ولم تتوسع الا بعد توفر بعض الأشياء التي شدت الناس منها خاصة الفقرة الكوميدية التي كنت أقدمها وكذلك الشأن بالنسبة لقناة «التونسية» التي لم تكن معروفة إلا بعد بث برنامج «لاباس» والذي لعبت فيه دورا هاما حينها كانت انطلاقتها الحقيقية فأشعر أن كل عمل أقوم به يبارك فيه اللّه سبحانه وتعالى . ألا يعود ذلك إلى الجرعة الزائدة من الجرأة المتمثلة في العديد من الإيحاءات الجنسية في أدائك؟
هي ليست إيحاءات جنسية بل سياسية واجتماعية و«بسيكو سوسيال» بحكم أني أستاذ مسرح وأتممت دراساتي العليا في علوم التربية وباحث في ديداكتيك المسرح (تعلمية وبيداغوجيا المسرح) فنفسانيا نحن شعب لنا نكتتنا ضحكتنا الخاصة لذلك ألمح إلى ذلك الجانب المغيّب والذي يمثل جزءا كبيرا من الهوية التونسية فما أقوم به من حركات أو ما ألفظ به من تعابير ليس من قبيل الارتجال العشوائي بل هو موظف فنيا أعتمد فيه اللعب على وتر خاص بالتونسي من منطلق فهمي لبواطن ذاته. وفي نهاية المطاف ما أقوم به هو من وإلى التونسي يثير ضحكته بدون وقاحة وأعترف أن أدائي في قناة نسمة كان يتضمن جرعة زائدة من الجرأة بحكم أن المواطن التونسي أثبت أنه لا يفهم إلا «بالفلاقي» فهناك العديد من المواقف التي عبرت عنها تضحك ليست موعظة أو إرشاد ولكن نابعة من بعض تصرفات التونسي الطريفة أو ما يعبر عنها ب «الغشة» وهي تضحكنا أحاول اللعب على ذلك الجانب الذي يجمع ما له علاقة بالجسد وبالذهن في نفس الوقت.
هل تدخل إدارة التلفزة في الشخصيات والمواقف التي تعبر عنها؟
بالنسبة إلى شخصية «شيطان» في قناة نسمة لا تدخل الادارة في أي شيء فقد كنت أقوم بالتأليف وفي فترة شاركني لطفي بن ساسي في ذلك.
وفي قناة «التونسية»؟
نعم كانت هناك بعض التوجيهات والتي أزعجتني في بعض الفترات مما جعلني أنسحب بعد 5 أشهر من التجربة إضافة إلى محاولات المنتج لفرض نفسه من حيث الكتابة والتوجيه حيث كان في العديد من المرات يفرض علي قول أشياء وعدم قول أخرى إلى درجة أن النصوص أصبحت أتلقيها من خارج القناة كل ذلك جعلني أقرر الانسحاب.
وصفت الإيحاءات الجنسية التي تقوم بها بالجريئة وأرجعتها الى تكوينك العلمي فما رأيك فيما يقوم به لطفي العبدلي؟
كل ما أقوم به مدروس بصفة فنية وعلمية إضافة إلى الوسط البيئي والعائلي المحافظ الذي نشأت فيه وهي ولاية مدنين وأفراد عائلتي يتابعونني ويميزون بين المسرح والواقع فأبي رجل تعليم ولم يلمني يوما على ما أقوم به فشخصيتي خارج الخشبة تتميز بالحياء فأنا «حشام برشة» عكس ما يتصور البعض وقليل التواجد في الأماكن العمومية ولكني في المسرح أعبر بكل حرية بكل ما في الكلمة من مسؤولية فمن السهل نقل كل الكلام الذي نسمعه في الشارع ولكن أكتفي ببعض اللمسات والإيحاءات الموظفة فنيا لا غير ولطفي العبدلي يقول ما شاء «ربي يعينو» وقد أكد في العديد من الممرات أن ما يقوم به ليس مسرحا بل هو مجرد «تفدليكة» لا غير ولقد وقع في العديد من المشاكل والتتبعات العدلية رغم أنني ضدها ولكن يجب أن يتحمل مسؤوليةما يقوم به وكل ما يعبر عنه.
ماذا بعد مسرحية «نيكوتين» هل تنوي الرجوع إلى الأعمال التلفزية؟
لي عمل آخر وهي مسرحية بعنوان «إكسكيز وأخوات» من تأليف حاتم بالحاج كنت قد شرعت فيها قبل مسرحيية «نيكوتين» ستكون جاهزة قريبا بعد انسحابنا من مسرحية «السبسي» بسبب خلاف مع المنتج كذلك أنا بصدد تحضير سيتكوم جديد سيعرض على إحدى الفضائيات التونسية في شهر رمضان مع شركة خاصة بإمضاء رؤوف كوكة والأكيد أنه سيعرض على القناة الوطنية 1 وذلك بطلب منها.