بإعتراف الجميع فإن رئيس الحكومة الجديد علي العريض ورث تركة ثقيلة عن سلطة حمادي الجبالي وقد تكون التجاذبات السياسية التي ستواجه حكومة العريض أمرا ثانويا مقارنة بالملف الاقتصادي الأخطر الآن في تونس. بالمعنى التقني وبالمعنى السياسي لا يمكننا الحديث عن حكومة جديدة في تونس باعتبار أن الأخبار تؤكد أن أغلب الوزراء في حكومة حمادي الجبالي هم نفسهم في حكومة علي العريض المنتظرة وهنا لن يكون هناك اختلاف في معالجة الملفات بين الحكومة الأولى للنهضة والحكومة الثانية.
ملفات
أمام رئيس الحكومة الثانية للنهضة وأمام رئيسها علي العريض ملفات عاجلة وأكيدة وخطيرة فالعريض سيقود الحكومة في فترة لن يكون فيها النجاح سهلا أو في المتناول وسيكون على مكتبه الملف الاقتصادي في الوقت الذي يعيش فيه الاقتصاد فترة من أصعب الفترات في تاريخ الدولة المستقلة. الآن تشير الأرقام إلى عجز كبير في الميزانية وفي الميزان التجاري ونسبة التضخم مرتفعة بشكل يقول عنه الخبراء أنه مفزع.
وبالاضافة إلى هذا فإن انكماش الطلب الداخلي يتواصل مغ غياب الاستثمارات الخارجية وانخفاض رصيد الدولة من العملة الصعبة... وبالتوازي مع خطورة وصعوبة الوضع الاقتصادي فإن الملف الاجتماعي سيكون من بين الملفات الهامة أمام رئيس الحكومة الثانية للنهضة فأرقام البطالة تواصل ارتفاعها وعدد الفقراء في تونس في ازدياد والكثير من العمال والأجراء في قطاعات مختلفة مهددون اليوم بالبطالة خاصة في قطاع السياحة الذي يشغل عشرات الآلاف من العمال ويعيش الآن وضعا صعبا وخطيرا، ولن يمكن لرئيس الحكومة معالجة الملف الاجتماعي دون شراكة حقيقية وكاملة مع الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة النقابية والوطنية التي قدمت حلول ومقاربات للوضع الاجتماعي والاقتصادي. وسترتكب الحكومة الثانية للنهضة خطأ إذا حاولت «تهميش» الجانب النقابي.
الأمن
لكن الملف الأمني يبقى من أهم الملفات وأخطرها لرئيس الحكومة القادمة من وزارة الداخلية والمطلع على أدق أسرار الوضع الأمني في البلاد غير أن المراقبين يؤكدون أن علي العريض لم ينجح في الحدّ من درجة الانفلات الأمني ومظاهر العنف التي عرضناها سابقا اضافة إلى أنه كوزير للداخلية لم تكن علاقته متميزة ومستقرة مع النقابات الأمنية التي اتهمها بأنها تخدم أجندات أخرى لا صلة لها بالعمل النقابي. وكان علي العريض أول وزير للداخلية ترفع ضده النقابات الأمنية شعارات منها شعار «ديقاج» الشهير وفي عهده عرفت تونس أول عملية اغتيال سياسي مسلح بعد الاستقلال كان ضحيتها الشهيد شكري بلعيد. كيف سيتعامل علي العريض مع «التركة» الثقيلة لحمادي الجبالي؟ ذلك هو السؤال