بين ديسمبر 2011 وفيفري 2013، شهدت السلط الجهوية والمحلية عديد التسميات والتعيينات بين الولاة والمعتمدين والنيابات الخصوصية وغيرها من المسؤوليات الجهوية والمحلية وسط اتهامات بتسييس وتحزيب السلطة الجهوية استعدادا للانتخابات. منذ تولي حكومة حمادي الجبالي مقاليد الحكم، أمضى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء عديد الأوامر والقرارات المتعلقة بالتسميات والتعيينات في مختلف المناصب والخطط والوظائف. لكن تبقى الأوامر والقرارات الخاصة بالتعيينات والتسميات في مراكز القرار الجهوية والمحلية (الولايات والبلديات والمعتمديات) أكثر إثارة للملاحظات وللانتقادات. ويعود السبب في ذلك إلى أن السلطة الجهوية تبقى ذات اهمية بالغة في نظر الحكومة لان المسك بزمام السلطة الجهوية هو ركيزة أساسية لنجاح «سياسة» السلطة المركزية فضلا عن اهمية ذلك بمناسبة الانتخابات الثلاثة التي تستعد لها بلادنا (الرئاسية والتشريعية والبلدية).
ولايات وبلديات ومعتمديات
بعملية حسابية بسيطة، يتضح من خلال الرائد الرسمي للجمهورية التونسية أن وزارة الداخلية، وهي سلطة الاشراف على السلطات الجهوية، اتخذت بين ديسمبر 2011 وفيفري 2013 مئات الأوامر والقرارات المتعلقة بتسميات وتعيينات الولاة والمعتمدين والمعتمدين الأُول والنيابات الخصوصية (التي تعوض المجالس البلدية) والكتاب العامين للولايات والكتاب العامين للبلديات، إلى جانب رؤساء المصالح والمديرين وكواهي المديرين والمهندسين العاملين صلب البلديات والولايات (انظر المؤطر ).
تهيئة الاجواء
يواجه السيد علي العريض (وزير الداخلية الحالي ورئيس الحكومة المكلف) في رأي الملاحظين «تهمة» تحزيب السلطات الجهوية من خلال هذه التعيينات والتسميات. حيث يتهم سياسيون من المعارضة وكذلك الملاحظون علي العريض بأنه قام طيلة فترة توليه وزارة الداخلية ب «تركيز» سلطات جهوية موالية للحكومة وخاصة لحركة النهضة (حزب الأغلبية في الحكم). وغاية العريض من ذلك في رأيهم تهيئة «الارضية والأجواء المناسبة» استعدادا للانتخابات القادمة التي سيكون للسلطات الجهوية فيها شأن كبير.
انتخابات
ورغم أن الهيئة المستقلة للانتخابات ستكون هي الجهة الوحيدة المكلفة بتنظيم الانتخابات القادمة والاشراف عليها، دون تدخل للإدارة وخاصة لوزارة الداخلية في ذلك، إلا أن هذا غير كاف في نظر الملاحظين السياسيين. فعدم تدخل السلط الجهوية في الانتخابات (أثناء الحملات الانتخابية ويوم الاقتراع وأثناء عمليات الفرز واعلان النتائج) يبقى غير مضمون في رأيهم ما لم يكن المسؤولون الجهويون والمحليون محايدين تماما وغير متحزبين وغير مسيسين ولا تربطهم أية علاقة بأية جهة سياسية.ما فائدة التحييد؟
الحديث عن تحييد وزارات السيادة (وبالأحرى وزراء السيادة) هو في رأي كثيرين غير ذي معنى لان المهم في التحييد ليس الوزير في حد ذاته بل العاملين معه في الوزارة او في السلطات الجهوية التي تحت اشرافه. فمثلا بالنسبة لوزارة الداخلية، يرى شق كبير من المعارضة أن تحييد الوزير يجب أن يكون مرفوقا بتحييد حقيقي للولاة وللمعتمدين ولأعضاء النيابات الخصوصية في البلديات ولمختلف المسؤولين العاملين بالولايات والبلديات والمعتمديات.
لذلك طالب بعضهم بأن تقع مراجعة كل التسميات والتعيينات « الجهوية « التي أمضى عليها رئيس الحكومة المنتظر علي العريض عندما كان على رأس وزارة الداخلية وتعويضها بتسميات جديدة قائمة على مبدإ الحيادية الحقيقية.