هذا الملتقى الذي واكب أشغاله أكثر من ثلاثين ممثلا عن الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بولاية قابس تضمن تقديم مجموعة من المداخلات الفكرية ومناقشة عدة محاور متصلة بتفعيل دور مكونات المجتمع المدني في الحياة العامة. وفي افتتاح أشغال هذا الملتقى ذكر السيد عبدالرحمان الحاج بلقاسم رئيس جمعية قابس الفاعلة أن تنظيم هذا الملتقى جاء تتويجا لسلسلة من الدورات التكوينية الموجهة للقائمين على النسيج الجمعياتي في ربوع ولاية قابس والتي امتدت على مدى ستة أشهر حيث شملت تدخلات هذه الدورات التدريبية دراسة ستة محاور جمعت بين حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي، التسيير الإداري والمالي والقانون الجديد للجمعيات، التخطيط الإستراتيجي بالمقاربة الحقوقية ومقاربة التصرف حسب النتائج، دور المجتمع المدني في التنمية وأهمية التشبيك، المقاربة التشاركية وحملة المناصرة والاتصال، مهارات القيادة وتقنيات الاتصال وأضاف السيد عبدالرحمان الحاج بلقاسم قائلا أن هذا الملتقى يتيح للمشاركين طرح بعض الأفكار الرامية إلى مزيد تطوير نشاطهم الجمعياتي اعتمادا على مناهج علمية واستراتيجيات واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة. وقد شهدت أشغال هذا الملتقى تقديم مداخلتين فكريتين فالأولى تمحور مضمونها حول « مفهوم المجتمع المدني وأهميته « للأستاذ البشير المؤدب الذي أشار إلى أن هناك اختلافا واضحا بين عدد من المفكرين وأصحاب النظريات في تحديد مفهوم المجتمع المدني وطبيعة دوره إلى جانب إبراز مدى تطوره في القرن السادس عشر كما قدم تعريفات متعددة لمفاهيم المواطن والمواطنة والمجتمع والدولة والهوية الوطنية رغم الغموض المحدق ببعضها.فيما كان موضوع المداخلة الثانية حول «تقييم المجتمع المدني قبل وبعد الثورة» للأستاذ مبروك الجابري حيث أكد أنه من أجل تلميع صورته أمام الرأي الدولي اعتمد النظام البائد على أوهام الديمقراطية والتعددية من خلال تبجحه بالإصلاحات والتنقيحات التشريعية المتنوعة والتباهي بعدد الجمعيات رغم تشديد الخناق المخفي عليها من حيث التحكم في تسمية الأعضاء وطريقة منح التأشيرة وحرمانها من الفضاءات الإعلامية والتسيير الحر.وقد توجت أشغال هذا الملتقى بإقرار جملة من التوصيات الرامية إلى مزيد تطوير النشاط الجمعياتي من أجل المساهمة الفاعلة والمسؤولة للنهوض بتنمية الموارد البشرية منها التأكيد على الدور الهام الذي يلعبه النسيج الجمعياتي في تنمية الجهة والعمل على مزيد ترسيخ تقاليد تعاون وتمتين الصلة بين مختلف الهياكل الجمعياتية من خلال إرساء شبكة تكون الفضاء الملائم للتنسيق حول توحيد الجهود والآراء ووجهات النظر في رصد المشاغل التي تعيشها الجهة والتفكير في إيجاد الحلول لتجاوزها ضمن العمل التشاركي ودعوة بلدية وولاية قابس إلى تمكين الجمعيات الناجحة من مقر وقتي لاحتضان نشاطها ووضع ميثاق شرف ومبادئ الجمعيات والسعي إلى إعطاء الطابع الشعبي للحراك الجمعياتي من خلال مزيد استقطاب مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية وخاصة التلمذية والطلابية منها للنشاط الجمعياتي والإهتمام بتكوين وتأطير الأعضاء والمنخرطين في شتى المجالات وإلغاء التمييز الحاصل بين الجمعيات الرياضية وبقية الجمعيات المدنية في إسناد المنح المالية وعقد جلسات دورية بين الجمعيات بالجهة ووضع شعارات تحديات تتحدد وعزائم تتجدد ضمن رؤية أوسع لمشاريع أنفع، كما دعوا إلى ضرورة تنفيذ التوصيات المعلنة بجعلها فاعلة. ونظرا لما عرفت به ولاية قابس من أنها اقل حظا في التنمية وأكثر تلوثا فقد حدد الحاضرون يوم 5 جوان القادم كيوم جهوي للإحتجاج ضد ما تعانيه الجهة من تردي منظومتها البيئية الناجم عما تفرزه المنطقة الصناعية من إفرازات ملوثة أثرت على صحة المتساكنين ومردود الفلاحة البرية والبحرية. وللوقوف على انطباعاتهم عن هذا الملتقى التقت «الشروق» ببعض المشاركين حيث أشار السيد ظافر حسين إلى أن هذا الملتقى شكل مناسبة للوقوف على الإشكاليات التي تواجه النسيج الجمعياتي في الجهة وإيجاد الحلول الملائمة لها وتبادل الخبرات والتجارب الذاتية ضمن هذا النسيج الجمعياتي الذي أصبح رافدا أساسيا في المساهمة الفعلية في شتى مجالات التنمية. وتذكر الآنسة كوثر العلوي أن هذا الملتقى يعد فرصة لطرح المشاغل الجمعياتية وتدارس عديد المحاور التي من شأنها أن تساعد الجمعيات وخاصة الناشئة منها على الإلمام بتقنيات العمل وكيفية تمويل أنشطتها بالإضافة إلى تجاوز ما تعترضها من صعوبات. فيما أكد السيد حسن مختار أيضا أن هذه الدورة التدريبية ساهمت في مزيد تحسين قدرات المشاركين وبين أن الاستفادة مضمونة من خلال ما تعرف عليه من خبايا عن تقنيات وآليات التخطيط والتمويل كانت غامضة عنه مما يفضي إلى مزيد تطوير المبادرات.