قالت مصادر اعلامية إن مجموعة من العناصر الأمنية الجزائرية المختصة، شرعت منذ نهاية جانفي الماضي في عمليات سرية لملاحقة أمراء تنظيم القاعدة والقيادات الجهادية المتحالفة معه في شمال مالي. ووفقا لهذه المصادر، فإن أجهزة الأمن الجزائرية جندت عشرات الضباط ومجموعة عمل كاملة تنشط عبر محور الجزائر نيامي أغاديس في النيجر وباماكو وغاو في مالي، للقيام بعمليات أمنية واتصالات حثيثة لإنقاذ حياة الدبلوماسيين الجزائريين.
لكن مطلعين على الشأن الجزائري أكدوا أن تحرك الجزائر يأتي في سياق خضوعها لضغوطات فرنسية بضرورة مساندة جهود باريس في حرب مالية، وإن ادعاء إنقاذ حياة الديبلوماسيين ليس إلا محاولة لإخفاء الفشل في البقاء على الحياد من هذا النزاع الذي طالما كررته السلطات الجزائرية في السابق. واعترفت صحيفة «الخبر»الجزائرية بدخول الجزائر على خط الدعم المباشر لفرنسا في حربها على المتشددين بمالي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمه قوله إن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قرر، مباشرة بعد هجوم عين أميناس على إحدى المنشآت النفطية، زيادة التنسيق الأمني مع الفرنسيين لمواجهة تنظيم القاعدة وكتيبة «الملثمون» في منطقة أزواد.
وأكد المصدر أن الجزائر أرسلت بعد الهجوم الدامي، ضباطا متخصصين في مكافحة الإرهاب من وحدة أمنية متخصصة في مطاردة أمراء القاعدة إلى العاصمة المالية باماكو، بينما يعمل خبراء أمن جزائريون على جمع وتحليل المعلومات التي يقدمها مخبرون محليون، تتعلق بالمواقع التي يتنقل عبرها مقاتلو القاعدة والتوحيد والجهاد، والمخابئ التي يتحصن فيها كبار الأمراء في المنظمات. وسعت السلطات الجزائرية في اول الأمر، إلى إخفاء تنسيقها الأمني مع فرنسا بعيد الإعلان عن بداية الحرب لتحرير شمالي مالي من قبضة الإرهابيين.
ولم يعرف الجزائريون بسماح بلادهم للطائرات الفرنسية باستخدام المجال الجوي الجزائري في الحرب على شمال مالي إلا من خلال اعترافات المسؤولين الفرنسيين. وظلت السلطات الجزائرية تردد طوال الفترة التي سبقت إعلان الحرب أنها لن تشارك في ملاحقة الإرهابيين خشية من أن ترتد إليها في شكل هجمات انتقامية داخل أراضيها وتعيد أوضاعها الأمنية إلى مربع العنف الدامي الذي عاشته في تسعينات القرن العشرين.
ويقول مراقبون إن الجزائر كانت تعتقد أن بإمكانها أن تستمر في إدارة خيوط لعبة العلاقات مع التنظيمات الإرهابية في المنطقة عن بعد، لكن الحرب الفرنسية بعثرت كل مخططاتها في هذا الاتجاه.
وقالت صحيفة «إل فوغليو» الإيطالية في بداية مارس، إن جهاز المخابرات والأمن الجزائري بنى علاقات متينة مع زعماء كل من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والحركة من أجل الوحدة والجهاد في إفريقيا الغربية وأنصار الدين.