عقدت مؤخرا جلسة حول مديونيّة مياه الريّ بالمناطق السّقوية العمومية أشرف عليها السيد نصر التميمي والي باجة وحضرها ممثّلون عن مجامع التنمية لمياه الريّ ورؤساء اتحادات الفلاّحين. أشار السّيد والي باجة في مفتتح الجلسة أنّ تفاقم مديونيّة الفلاّحين الذين يستغلّون مياه الريّ بالمناطق السّقوية تصل الى أكثر من 7 مليون دينار وهو ما يجعل الجميع أمام خيارين امّا قطع الماء وما ينجرّ عنه من تضرّر خاصّة بالنّسبة الى صغار الفلاّحين أو ترك الحال على ما هو عليه وبالتّالي اغراق شركتي استغلال وتوزيع المياه والكهرباء والغاز بديون ستؤدّي حتما الى تهديد لوجودها ,وأضاف أنّ مديونية مجامع المياه بلغت 5.3 مليون دينار من مياه الريّ فقط دون اعتبار مياه الشّرب التي قاربت المليونين.
من جهته اكد السيّد الحبيب البلطي المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بباجة أنّ 13 مجمعا تنمويّا لمياه الريّ لم تقم بتسديد ولو ملّيم واحد خلال سنة 2012 رغم أنّها استهلكت ما مجموعه 4.170 مليون دينار لتحتلّ بذلك ولاية باجة المرتبة الأخيرة في ما يتعلّق بخلاص استهلاك مياه الريّ وبيّن أنّ فلاّحي الجهة لم يحسنوا الاستفادة من قرار السيد وزير الفلاحة الذي قدّم امتيازات كبيرة لمن قام بخلاص 20% فقط من ديونه مع التمتّع بتخفيض قدره 30% على أن تجدول باقي ديونه على أقساط لمدّة 5 سنوات كما أنّ بعض هيئات هذه المجامع لم تعقد جلساتها العامّة منذ سنة 2008 ولم تجدّد بالتالي هيئاتها المديرة وهو ما حدّ من فاعليّة نشاطها.
مديونية
في مداخلته بيّن السيّد الشاذلي الشعلي رئيس اقليم الشركة التونسية للكهرباء والغاز أنّ ديون المندوبية الجهوية للفلاحة بباجة تجاه الشركة بلغت 3.2 مليون دينار ورغم ذلك فانها مازالت تواصل تقديم خدماتها لفائدة مجامع الريّ والفلاحة عموما ولكن في المقابل فإنّ صبرها نفد مشيرا الى تنامي ظاهرة سرقة الكوابل والتدخّلات غير الفنيّة التي يقوم بها البعض لاصلاح عدّادات استهلاك الكهرباء وهو ما زاد في خسائر الشّركة.
كما أبرز السيّد خالد الحشّاني ممثّل شركة استغلال أنابيب مياه الشّمال الى أنّ الشركة عاجزة الى حدّ الآن عن تسديد ما قيمته 1.1 مليون دينار لفائدة « السّتاغ « الاّ اذا قامت المندوبية الجهوية للفلاحة بتسديد دينها لفائدة الشركة والبالغ 1.960 مليون دينار.
من جهته تحدّث الحبيب الرّمضاني عن مجمع النّهوض بنفزة عن الصّعوبات التي تعترض عمل المجمع وأوّلها تعرّض أعوانه الى الاعتداءات المتكرّرة عند تنفيذ قرار قطع الماء وذلك من قبل بعض كبار الفلاّحين الذين لم يقوموا بخلاص معلوم استهلاك الماء واستغلالهم لهشاشة الوضع الأمني في حين أشار كمال اليعقوبي رئيس اتحاد الفلاّحين بالجهة الى تضخّم فاتورة استهلاك الماء التي تصل الى الفلاّحين والى ضياع كمّيات هامّة منها بسبب عدّادات الخزّانات التي لا تستجيب للمواصفات الفنيّة وهو أمر يجمع عليه فلاّحو نفزة عموما.
وفي المقابل أكّد العربي العرفاوي ممثّل مجمع التنمية بقبلاّط أنّ بعض شركات الاحياء والفنّيين الذين يستغلّون المقاسم الفلاحية يرفضون ما تخلّد بذمّتهم من دين ولهذا فقد قام بقطع الماء عن كلّ مخالف كما بيّن عمر عمامو عن مجمع سيدي ناجي بتستور أنّ ظاهرة انقطاع الماء خلال فصل الصّيف قد أضرّ بمحاصيله من الطّماطم والأشجار المثمرة وقد تدخّل بعض منتجي الطّماطم ليقترحوا تحويل الزّيادة الأخيرة في سعر هذه المادّة المقدّر ب 15 ملّيم مباشرة لتسديد ديونهم من استهلاك مياه الريّ.
إنذار أخير
ذكر السيد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية أنّ باب الاستفادة من الامتيازات التي خوّلها منشور السيد وزير الفلاحة ما زال ساري المفعول وهو دليل على أنّ الوزارة مازالت يدها ممدودة لمساعدة الفلاّحين وما عليهم سوى استغلال هذه الفرصة مبيّنا أنّ خلاص مديونيّة مياه الريّ تمثّل نسبة 95% من ميزانية المندوبية في حين أكّد السيّد والي باجة على ضرورة مراجعة طريقة تسيير المجامع باتّجاه عقد جلساتها العامّة طبقا لما ورد بالمنشور المنظّم لها وأشار الى أنّه سيقع توفير الأمن والحماية لأعوان مجامع مياه الريّ عند تنفيذ قرارات قطع الماء على المخالفين.. وأضاف أنّ صغار الفلاّحين وحسب ما بيّنته الكشوفات المقدّمة ملتزمون بتسديد ديونهم من استهلاك الماء غير أنّ الاشكال مازال قائما لدى البعض من مالكي الشركات والأراضي الفلاحية الكبرى وأنّ هذه الجلسة تمثّل فرصة أخيرة لهم للايفاء بتعهّداتهم قبل اللّجوء الى القضاء وأضاف أنّه تمّ استرجاع 12 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية كانت تحت تصرّف عائلة أصهار الرّئيس المخلوع مقترحا في هذا المجال على السيّد وزير الفلاحة أن يتمّ طرح مديونيتها من مياه الريّ قبل اسنادها أو التّفويت مضيفا أنّ هنالك اتجاه الى احداث شركات استغلال مياه ريفيّة على شاكلة شركة « الصوناد « غير أنّ ذلك يتطلّب وقتا أكبر وميزانيات ضخمة تتحدّى امكانيات الدّولة.