معز الجلاصي المنزل موصدة أبوابه والشبابيك لا خافت الضوء... ينسل اليك ولا شميم البخور، أو ا لصندل وحدك... تنزوي في آخر الشارع ملتفا باطراف برنسك تقول: ماذا ألم بهم فلم يفدوا أنوم مباغت... أم قد هجروا... يمر آخر السكارى، وباعة الصحف تعده على أصابع يدك ما مضى من الليل تنتظر ارتجاج الباب او اطلالة من النافذة مع أوّل الفجر يوقظك صوت عجوز يحنو على وجع الروح داخلك وقبل ان يمضي يُشير اليك... عبثا ترمي شباكهم بالحصى مَن تحبه ... يا ولدي من زمن... قد مضى أكتوبر 2002 تونس ** بغداد تحصي أطفالها... قبل النوم شعر: شكري بوترعة حزينون تماما حزينون تماما وليس لنا في هذه الدائرة سوى رغوة الخمر على شفاهنا غسيل فوضانا بقايا التبغ على أظافرنا الممرّغة بالحبر والفجائع وهذا الطفل الذي يخترع الاخضر في الحرائق يغادر طفولته على نعش الكبرياء... حزينون تماما حزينون تماما باهتة علبة التلوين في ذاكرة الطفل المسجّى حين يسيل منها دمه... ولون الشمس في دفتر الرسم حزينون والجسد مكيدة الروح بغداد «سؤال الروح المطروح على الروح» هكذا يختتم الوقت إذن بغداد التي ارضعت من قبل ذئاب الأساطير وأينع الزعتر البرّي على أحراش أهوارها هي نفس بغداد التي تعلّم الآن جلجا مس امساك المسدّس في ساحة الدم بغداد هذا الكوكب الذي انحرف عن مدار الهزيمة يعصي اطفاله كل مساء وحين يتشعث ماء الفرات ويخرج سمك دجلة الى الطرقات وتلقي العصافير بيانها من فوق سطح الاذاعة كفى هلاكا مزيدا من الثلاج على اللحم الذي يلتصق بالحديد دعوا الطفل يفتش عن اناء الحليب تحت الركام... دعوا زهرة القلب تنام حزينون تماما وحزينون تماما بزوغ نجمنا ويرفو ثغرة في القلب الذي يتأرجح وبغداد لا تتعرّى تماما للغزاة هنالك خلف الحقول ذراع نحيلة تحصد القمح والطائرات أنا لا أرثي العراق إنما أرثي الطعن التي تفشي رائحة الشقيق أنا لا أرثي العراق انما أرثي من فتح بوّابة البحر كي يمرّ لنخل العراق الحريق تعب القتل... ولم يتعب القاتلون فهل تقصفون وهل تقصفون ضواحي الكلام الذي سوف نقول وهل تقصفون ضواحي الكلام الذي لا نقول ومن نبض النخيل فينا نعيد الى بيتنا الكهرباء فهل تقصفون المساء الذي يتنزّه على لوحة في الجدار وتقصفون قهوتنا في الصباح وتقصفون سلسلة أفكارنا دعونا إذن نكتب قصائدنا في هدوء دعونا نكنس دمنا من أثار اقدامكم حزينون تماما وحزينون تماما من أي الجهات سيأتي مساء بدون نواح وكيف سنعرف في هذا الخراب بأن الذي على الطاولة دمنا... أم قهوة للصباح مدينة في الرسم انت هدف في الخرائط سيّدتي بغداد آخر ما تبقى من ملح الروح على الجسد الملطّخ بالوحل وقبعات الجنود... سيدتي هل تسمعين صهيل الطائرات هل توقف القلب عن النبض ام انحني النبض كي يمرّ ماء الفرات حزينون تماما وحزينون تماما قفصة 27 4 2003 ** من شظايا قلبي الشجي صالح الطرابلسي زورق... يبحر في مدى جسدها الموغل... في الشريان... ذاك قلبي!... ذاك ربّان... لا مجاديف!... تائها، ما بين الوريدين... يحمل أثقاله جراحا... وجراحا... هلاّ تكونين لقلبي الشّراع الذي... يعبر بي... نحو شاسع الشطآن؟!... كم طعنة!... يتلقى القلب حتى يتوب؟! كم كبوة!... تقترف هذي الجياد، حتى... تمتشق الصهيل؟! كم نكسة!... تنتاب هذا الجسد المعنّى... حتى تسيل على جوانبه الشهوة... عسلا مصفّى؟!... أين توزّع شظاياك... أيها القلب؟!... فالمدينة... بعضها نائم حتى الموت... الزؤام... والبعض، قد ذبح الشمال... أحلامه البكر!... قفراء هي الشوارع، إلا... من سيطرة الدولار!... والجلنار... قد أطفأ ضوءه على... خدّ العروس... يا الجنوب المضرّج بالهزائم... والتحدي... هل... لابد من جرح حتى... يبرأ الجرح؟!... هل... لابد من موت... كي يزهر البعث؟!... * * * ماذا أخرجت هذه الارض من... أثقالها، منذ زلزالها، عدا شرخ أزاح... البطين عن البطين؟!... أين الضخّ؟!... فالدم تثاقل... في جسدي... تمزقت الشرايين... والنبضات... ما عادت هي النبضات!... أيها القلب... لملم شظاياك، وامض... امض بنا... في رحلة أخرى، نزفّ النبض... للنبض، ونفتح المصاريع على اللظى... نستنشق عطر الرياح اللواقح... تسترجع الانفاس طهارتها، ونشرب... من عتاق الحب حتى... نشوة الصحو!... باردة شراراتك، يا هذه النار التي تضرم الجسد!... والدم الذي يغزو... الشرايين... ما نضجت كريّاته!... وهذا الشعاع الذي... يسطع... قادما علينا من خلف البحار... الزجاجية... هل هو من منبع الشمس؟ أم... من يدري؟!... * * * محاصر... أيها القلب بأوجاعك: وجع... زمن الفصل، بالاندلس... وجع، غمامة الرشيد... أضاعت... ملكها في حانة اللذات!... وجع... هذا الزمن الذي يتردّى بنا... نحو قرون قد خلت... ليسبقنا... فنخطئ حمّالة الركب!... وجع... آه يا تاريخنا... ما اجتهد النائمون على الماضي... والحاضر، مستهلك!... ما أشرع نوافذ الحلم على الآتي!... وتتّهم... أيها القلب بالحزن، بلى فأطلق... نار أحزانك عليّ، حتى... تصفرّ سنبلة البراري... فترسو... على جدائلها لؤلؤة الضياء!