من يتأمل مسيرة الفنانين في الغرب، وتحديدا نجوم السينما أمثال سين بان أو شين كونري او ميل جيبسون، أو حتى جون ترافولتا، يكتشف ان هؤلاء كلما تقدّمت بهم السن والتجربة بطبيعة الحال، الا ونضجت أفكارهم وأعمالهم الفنية بالخصوص... كما ان مواقفهم، ونظرتهم الى الحياة، والى العالم وقضاياه ومشاكله تتغير في اتجاه خدمة الانسانية وقضايا الحق، ويتجلى ذلك في اعمالهم الفنية، وحتى في انشطتهم... وأشهر مثال «سين بان» الذي كان من أكبر المناهضين للحرب على العراق، وميل جيبسون الذي رفض الانصياع لرغبة الصهاينة الذين يطالبون اليوم بمصادرة شريطه «آلام المسيح»... وأكثر من ذلك تبنى أفكار الشريط ومواقفه غير عابئ بردود فعل المناهضين... خامرتني كل هذه الافكار، والاحداث والمواقف، وأنا اشاهد الفيلم الاخير لنجم الكوميديا في الوطن العربي عادل امام، وهو «التجربة الدنماركية». في هذا الفيلم، لم يجد عادل إمام بين القضايا والمشاكل التي يتخبط فيها الشعب العربي، الا التحرر الجنسي القادم إلينا من الغرب. ولئن كان الجنس او التحرر الجنسي، هو واحد من القضايا التي مازالت مطروحة حتى في المجتمعات الغربية، الا انه لا يمثل قضية استعجالية، إذ هناك قضايا عربية أخرى كثيرة أهم... أضف الى ذلك الاسلوب الذي تم به طرح القضية في الشريط، اذ هو أقرب الى التهريج، و»النكت» الساذجة التي تجاوزها العصر، منه الى الفن. فماذا يهم المشاهد العربي اليوم، إذا صادفت طريقه فتاة دانماركية جميلة... هل نحن جياع الى الجنس بهذه الدرجة؟ الواضح ان عادل امام أراد العودة الى الشاشة الكبيرة من باب قديم في الواقع، وهو الجنس الذي كان يشد جمهور السينما في الأفلام الغربية، والكوميديا التي عرف بها هو مسيرته الفنية... ولكن بين الامس واليوم هناك أفكار ورؤى كثيرة تغيّرت حتى عند الجمهور العادي... كما أن الكوميديا تغيّرت بدورها، و»نكت» الأمس لم تعد تضحك جيل اليوم. عادل إمام كوميدي كبير، وقدّم للسينما والمسرح العربي اعمالا كبيرة ولكنه في هذه التجربة الدانماركية وقع في منعرج لا يوافق مسيرته الكبرى. ولعل أبلغ صورة عن هذا المنعرج معلقة الشريط التي تظهر عادل من الخلف وهو يسحب سرواله الى الأسفل!