بعد أسابيع قليلة تنطلق دورة أخرى من معرض تونس الدولي للكتاب الذي تحوّل منذ سنوات الى تظاهرة احتفالية بالكتاب في مستوى النشر والتوزيع إذ أن هذه التظاهرة تزوّد السوق التونسية بما تحتاجه من عناوين طيلة عام كامل فحجم المبيعات هي الاعلى في كل معارض الكتاب العربية بشهادة العارضين والناشرين العرب. لكن اذا كان الجانب التجاري ناجحا جدا في المعرض، فإن الجانب الثقافي بقي مقتصرا على الندوة الفكرية التي لم تتجاوز الجوانب التقنية وهو ما عزلها عن الجمهور لان المشاركين فيها والقائمين عليها هم عادة من الجامعيين الذين ينقصهم الاحتكاك الفعلي بالمشهد الثقافي وما يطرح فيه من أسئلة وإشكاليات. فاذا قارنا معرض تونس بمعرض القاهرة فإن الفرق للاسف شاسع في مستوى الحركية الثقافية رغم تفوّقنا في الجوانب التنظيمية... فعدد العناوين الصادرة في تونس في الاسابيع الاخيرة كبير وبالامكان تنظيم جلسات يومية للتحاور مع الكتّاب والباحثين حول كتبهم الجديدة وتكون هذه الجلسات الجامعية بالتعاون مع الناشرين وخاصة الكتب ذات الاهمية التي بالامكان أن تخلق حوارا وجدلا حقيقيين. كما لابد أن يخرج المعرض من قصر الكرم ليكون في كل المدن التونسية من خلال معارض صغيرة موازية وتظاهرات ثقافية محورها الكتاب. على أي حال هذه مجرد ملاحظات أرجو أن تكون منطلقا للتفكير في مستقبل معرض تونس الدولي للكتاب في الالفية الثالثة التي قطعنا منها أربع سنوات.