أن تصبح الشارقة عاصمة للثقافة العربية،فهذا من حقها باعتبار ما وفرته من إمكانيات ضخمة ومن اهتمام كبير بكل المجالات الثقافية وخاصة منها الأدب والكتاب من ذلك أنه وفي ظرف سنوات قليلة أصبح معرض الشارقة الدولي للكتاب ثاني معرض من نوعه في العالم بعد معرض فرانكفورت. ما تحقق في الشارقة والحجم الكبير الذي بات عليه معرضها للكتاب، جعلنا نتساءل عن ما آل إليه معرض تونس الدولي للكتاب الذي يحتضنه سنويا قصر المعارض بالكرم بالعاصمة. فهذا الفضاء الثقافي السنوي لم يجد إلى حد اليوم الحظوة التي يستحق ولم يجد الاهتمام الذي يستحق من قبل القارئ التونسي فما بالك بالناشر والقارئ الأجنبي... الأسباب تبدو عديدة لذلك، ومنها خاصة ما كان يمارس سابقا ضد الكتاب من مراقبة وحجب فأغلب الكتب السياسية والدينية المحلية كانت تمنع من النشر والتوزيع أما الكتب الأجنبية فكانت تحجز في القمارق. هذه الرقابة كانت تقلق الناشر الأجنبي الذي بات في السنوات الأخيرة التي سبقت انتصار الثورة الشعبية يمتنع عن العرض في معرض تونس للكتاب مما أضعف الحضور وأثر في المعرض كما وكيفا هذا الى جانب ضعف النشر في تونس وعدم المساعدة المادية والمعنوية للناشر التونسي. هذه الوضعية أكدها لل»الصباح» السيد محمد صالح المعالج كاتب عام اتحاد الناشرين التونسيين الذي أشار الى وجود مشاكل كبرى يعاني منها الكتاب التونسي مؤكدا أن التونسي ابتعد بشكل كبير عن الكتاب ليعوضه بالشاشات بمختلف أنواعها من قنوات فضائية وحواسيب وأنترنات وغير ذلك...فالطفل الذي كان يتربى سابقا على الكتاب أصبح اليوم ينشأ ويكبر مع الحاسوب والبلاي ستايشن والألعاب الالكترونية والفايس بوك وحتى مطالعاته وبحوثه الدراسية أصبحت تعتمد على القص واللصق عبر الانترنات دون اجتهاد ولا فائدة... وأضاف أن الناشر التونسي يعاني كذلك من عدم التشجيع على النشر وكان الأمل قائما في معرض تونس الدولي للكتاب..لكن النتيجة المرجوة لم تتحقق. وأضاف أن معرض الكتاب لهذا العام لم ينتظم وكان من المفترض أن يكون بداية ديسمبر الجاري موعدا للمعرض حسب اتفاق بين اتحاد الناشرين وسلطة الإشراف لكن الموعد حل ولم تتحرك هذه الأخيرة من أجل أن يفتح معرض الكرم أبوابه أمام أحباء الكتاب. ومقارنة بمعرض الشارقة الدولي، فإن معرض تونس للكتاب يبقى بعيدا جدا عن المأمول وعن إغراء الناشر والقارئ وتشجيع الطفل على الكتاب.. فمعرض الشارقة حرص منذ مطلع التسعينيات على تخصيص جوائز التأليف والإعداد والدراسات والترجمة والطباعة. وقام معرض الشارقة الدولي كذلك بإنشاء أول نادي للقراءة يبث على الهواء مباشرة وذلك عبر تلفزيون الشارقة بعنوان «في حضرة الكتاب» من أجل تشجيع كافة شرائح المجتمع على القراءة وبدأ بث هذا البرنامج منذ شهر جانفي من العام 2011، كما أن معرض الشارقة الدولي للكتاب يضم نادي الكتاب العربي لمشروع «ثقافة بلا حدود» الذي يوزع المكتبات بالمجان على الأسر في إمارة الشارقة... كل هذه الإغراءات الأكيد أنها تقدم الإضافة للمعرض ومن ذلك للناشر والكتاب والقارئ..
الترغيب في المطالعة والتسويق
ويذكر كذلك أن معرض الشارقة الدولي للكتاب شهد هذا العام إطلاق صندوق منح الترجمة بقيمة 300 ألف دولار أمريكي لدعم مجال الترجمة والتواصل الشبكي والبرامج التعليمية بهدف تشجيع ترجمة الكتب من وإلى اللغة العربية لرفد الثقافة العربية والعالمية بمخزونات جديدة، واشتمل المعرض هذا العام على نادٍ للقراءة على الهواء، من خلال برنامج « في حضرة الكتاب « الذي أطلق بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للإعلام ، والذي تم فيه عرض وافي لذخائر الكتب، وأفضل العناوين. هذا الى جانب تنظيم عدد من الندوات على هامش المعرض مثل الدورة الرابعة لدورة الناشرين العرب التي تضمنت جملةً من النصائح والتوجيهات التي تخص عملية التسويق والنشر والخطط الاستراتيجية التي تمكن الناشرين من توظيف المواقع الإلكترونية وعمليات بيع وشراء المنشورات عبر الإنترنت، كذلك كان للأطفال نصيب من خلال برنامج الطفل الذي خص بأكثر من 200 نشاط. كل هذا التنوع في العرض والتقديم، جعل من معرض الشارقة الدولي للكتاب أحد أبرز التظاهرات الثقافية لا في الوطن العربي فحسب بل في العالم.. وهو ما يجعلنا نأمل في أن يسير معرض تونس الدولي للكتاب على نفس المنوال والطريق إلى ذلك يقدمها السيد محمد صالح المعالج بتأكيده على ضرورة إعادة النظر في طرق تنظيم المعارض وتسهيل وصول الكتاب إلى المدارس والمعاهد وتسهيل توزيعه بصفة عامة ودعم أكبر من سلطة الإشراف للكتاب وللناشر التونسي. هذا إلى جانب السعي لتوجيه ذائقة الطفل منذ طفولته نحو المطالعة وتقريب الكتاب من التلميذ والتشجيع على القراءة وكذلك على الإنتاج مع التركيز على الشكل والمضمون في نفس الوقت.