أقامت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه قنوات على قطعة أرض بيضاء تابعة لشخص دون اذنه، فرفع أمره الى المحكمة الادارية طالبا تعويضه عن الأضرار التي لحقت به. وقدّم المدّعي عريضة دعواه عن طريق محاميه وتضمنت أن «الصوناد» تولت تمرير قنوات مياه على جانب قطعة أرض بيضاء صالحة للبناء على ملكه الامر الذي دفعه الى استصدار اذن على عريضة لتكليف خبير في البناء لتقدير قيمة الأضرار اللاحقة بالعقار ولذلك فإن محامي العارض يطلب استنادا الى الفصل 17 (جديد) من قانون المحكمة الادارية الزام الشركة المدعى عليها بأداء المبلغ المقدر من قبل الخبير والاذن بالنفاذ العاجل. من جهة ثانية ردّ محامي الشركة المدعى عليها فتمسّك بغموض الدعوى وتجرّدها لعدم بيان سندها القانوني مضيفا أن النزاعات المتعلقة بتمرير قنوات المياه وبحق الانتفاع، تخضع لاجراءات خاصة نصت عليها الفصول 51 و78 و4 من مجلة المياه، كما أن الشركة تتمتع بحق التمليك والانتفاع بشريط الارض الذي تمرّ به القناة مقابل دفعها ثمن الشراء، وطلب في اطار دعوى معارضة الزام المدعي بأداء مبلغ 500 دينار بعنوان أجرة محاماة وأتعاب تقاضي وتمليك الشركة المدعى عليها بالقطعة محل النزاع، الا أن محامي المدعى عليها قال ان الدعوى قائمة على الفصل 17 (جديد) من قانون المحكمة الادارية ومهما كانت الحالة فان السهو عن ذكر السند القانوني لا يبطل العريضة. وبعد أن اطلعت المحكمة على ما يفيد استيفاء اجراءات التحقيق في القضية وعلى القانون عدد 40 المؤرخ في 1 جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الادارية وعلى جميع النصوص المنقحة والمتممة له وآخرها القانون الأساسي عدد 70 المؤرخ في 11 نوفمبر 2003 وتقرر حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لجلسة يوم 25 جوان جوان 2005. ورأت بعد ذلك من جهة الاختصاص القضائي أن دفع محامي الشركة بخضوع النزاع لمجلة المياه لا يستقيم لأن ما قامت به الشركة يتنزل في اطار تسييرها لمرفق عمومي بغية تحقيق المصلحة العامة ويقترن بالضرورة باستعمال امتيازات السلطة العامة، الامر الذي يكتسي معه عملها المذكور الصبغة الادارية، ولذلك فإن المحكمة الادارية هي الجهة المختصة بالنزاع الماثل عملا بالفصل 17 (جديد) من قانونها، ورأت المحكمة من جهة الشكل وبخصوص الدفع المتعلق برفض الدعوى لعدم تحديد سندها القانوني، ان اغفال الخطأ في تحديد السند القانوني لا يؤدي خلافا لما تمسّك به محامي «الصوناد» الى رفض الدعوى، طالما جاز للقاضي أن يحدّد النص الصحيح المنطبق على النزاع، هذا فضلا على أن محامي المدعي أسس دعواه على خرق الفصل 17 (جديد) المذكور ولذلك رفضت المحكمة دفع محامي الصوناد وقبلت الدعوى من جهة الأصل لاستيفائها الشروط القانونية ورأت أيضا أن تقديرات الخبير كانت واقعية وغير مشطة فقرّرت اعتمادها. وعن مطلب الاذن بالنفاذ العاجل رأت المحكمة أنه لا يمكن ادراج الغرامة المطلوبة بعنوان تعويض عن الاضرار المترتبة عن تمرير قنوات المياه ضمن الحالات المنصوص عليها بالفصل 126 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية، الأمر الذي يتجه معه رفض الطلب خاصة مع توفر عنصر التأكد. أمّا عن الدعوى المعارضة، فان تقدير المحكمة للمبالغ المأذون بها بعنوان التعويض عن الاضرار اللاحقة بأرض العارض كان بحساب ثمن شراء المتر المربع الواحد من الأرض المعنية، وقد تحصل المدعي على تعويض كامل عن المساحة التي حرم من استغلالها، الامر الذي يتجه معه التصريح بتمليك «الصوناد» للقطعة المتنازع عليها، خاصة وأن عمل المحكمة الادارية استقر على اعتبار أن انتقال ملكية العقار المستولى عليه من صاحبه الاصلي الى الادارة يكون من حين تحديد الغرامة المستوجبة بهذا العنوان ورفضت المحكمة طلب أجرة المحاماة طالما تبين ان الدعوى الأصلية استندت الى أساس واقعي وقانوني سليم، لذلك قرّرت المحكمة الادارية قبول الدعوى الاصلية شكلا وموضوعا وإلزام الشركة المدّعى عليها بأداء مبلغ ألف وتسعة وسبعين دينارا وقبول الدعوى المعارضة شكلا وأصلا بتمليك الشركة المدعى عليها بالقطعة المتنازع في شأنها، وقد صدر الحكم عن الدائرة الابتدائية الخامسة تحت عدد 1/11590 وبتاريخ 25 جوان 2005.