هي امرأة قادمة من تخوم الصحراء، من صهيل الفجر يتسلّل رويدا رويدا لينفض عن الكون أوار العتمة، لم تكن قرية «تمزرط» في شهادة ميلاد المرأة السمراء سوى تأشيرة العبور نحو عوالم الخلق من منطلق موروث زاخر بعديد التصورات و(النبوءات) الفنية والابداعية التي امتطتها جميلة بنعيسى لتسافر على متنها نحو انجاز مسيرة تتوفر فيها عديد الرموز والإيحاءات ويظلّ الرحيل والترحال من الجنوب نحو الشمال يصهل في لحظات المرأة التي أنشأت مملكة من الطّين وصاغت لها ديباجا من ألوان الشمس المائلة نحو المغيب حقب الألوان التي عرفتها «تمزرط»، الزّخرف والزركشة وكثبان الرّمال، مثّلت جميعها جواز سفر امرأة موعودة بالرّحيل، تسافر كطيور تبحث عن لحظة حارقة تبحث عن صدى لحن ينفلت من ناي صادح في أرجاء بلا حدود. «نفحات بربرية»، «كنوز من الصّحراء»، «نفحات من دفء الصحراء»، «ريحة البلاد» تلك بعض العناوين التي ساهمت في التعريف بجميلة بن عيسى السّرايري التي اعتنقت فلسفة تقوم على توظيف موروث جهة قابس في إنشاء مقاربة إبداعية لافتة، كما ارتأت التعريف بعديد الأغذية الصحية والبحث في مجال تطويرها من خلال المشاركة في مختلف التظاهرات وطنيا وجهويا، جامعة في مختلف مشاركاتها بين الأصالة والتجديد، ومحاولة دائما المراهنة على حسّ مرهف وإرادة قوية من أجل تقديم مادة إبداعية بالرّسم على «الحياك» والبلّور والخشب والحديد المطروق. التصاق جميلة بالصحراء في ثبوتها وترحالها جعلها ترسوعلى شواطئ الإبداع كخطاف حين يأتي يحمل معه الدفء والجمال.