مباشرة إثر انتهاء أيّام قرطاج السينمائية التي اختتمت فعالياتها يوم السبت الماضي، 18 نوفمبر 2006، أعلن أحد أصحاب قاعات السينما بالعاصمة عن قرار بغلق قاعته. وأوضح صاحب القاعة الذي أوقف نشاطه منذ الإثنين الماضي، 20 نوفمبر 2006، أن اتخاذه هذا القرار يعود لأسباب مادية. وربما يحيلنا غلق هذه القاعة، إلى استقراء مستقبل أيام قرطاج السينمائية، ومستقبل قطاع الاستغلال والتوزيع السينمائي في تونس، ومستقبل السينما التونسية في ظل هذا الوضع. فقدان القاعات أوّلا، لابد من الإشارة إلى فقدان قاعة سينما الكابيتول في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية وهي مسألة ربما لم ينتبه إليها المتابعون. وهذا يعني أن المهرجان مقبل على فقدان قاعات أخرى في المستقبل وخصوصا إذا عدنا إلى خارطة القاعات في العاصمة خلال الدورات السابقة من المهرجان. ومنذ يومين، أعلن أحد أصحاب القاعات، مثلما ذكرنا، عن قرار بغلق قاعته بلا رجعة. وحتى القاعات المتبقية، فقد أصبح أغلب المتابعين لعروض الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية، على سوء حالتها، وتردّي تجهيزاتها التقنية، وخصوصا الصوتية. في ظل هذا الوضع، وأمام تواصل غلق القاعات، أين ستقام أيام قرطاج السينمائية في المستقبل؟ دعم ولكن! من الحيف أن ننكر إدراك الدولة لهذه الأزمة، ومحاولة إيجاد الحلول الممكنة لها، سواء بالدعم المادي، أو التأهيل، ولكن من سيعوض القاعات المفقودة التي أغلقت أبوابها؟! هنا لابدّ من بحث سبل لتشجيع وحث المستثمرين على بعث قاعات سينما، ولمَ لا فرضها ضمن كراس الشروط بالنسبة للمستثمرين في الفضاءات التجارية، لأن السينما مثلها مثل المقاهي والمطاعم وفضاءات الألعاب فيها جانب تثقيفي وجانب ترفيهي. السينما التونسية إلى أين؟ وفي ظلّ تقلص عدد قاعات السينما، أصبحت السينما التونسية تعاني بدورها من مشكلة التوزيع، والدليل تعذر عرض العديد من الأفلام التونسية وآخرها «كلمة رجال» لمعز كمون. ولعل ما نخشاه اليوم هو عدم ظهور الأفلام الجديدة التي عرضت في أيام قرطاج السينمائية مثل «آخر فيلم» لنوري بوزيد و»عرس الذيب» لجيلاني السعدي، و»جنون» لفاضل الجعايبي. وهنا لابدّ من تدخل وزارة الثقافة لفرض عرض هذه الأفلام في القاعات، مقابل ما تمنحه لأصحابها من دعم مالي ومنح على الاستغلال. انتهت أيام قرطاج السينمائية ولكن أزمة السينما في تونس مازالت متواصلة، وفي تواصلها تهديد لأيام قرطاج السينمائية ذاتها.