ماذا بقي من قاعات السينما في تونس؟.. سؤال بات يطرح بحدّة، خصوصا بعد غلق قاعتي «أفريكار» و«المونديال» بالعاصمة، وصعوبة العثور على قاعات شاغرة لتوزيع الأفلام التونسية والأجنبية المنتجة حديثا. «الشروق» أعدّت ملفا حول الموضوع. ماذا بقي من قاعات السينما في تونس؟ أغلقت قاعة «أفريكار» وتوقف نشاط قاعة «المونديال»، وقبلهما أغلقت «الكابيتول» وقاعات «النجمة» في سوسة و«باريس» في بنزرت و«الأطلسي» في صفاقس دون نسيان قاعات أخرى كثيرة، سواء في العاصمة أو داخل البلاد توقف نشاطها في السنوات الأخيرة. أين سيقدم المنتجون والموزعون السينمائيون في تونس أفلامهم في المستقبل وهل تكفي القاعات المتوفرة حاليا من استيعاب كمية الأفلام التونسية على الأقل المزمع إنتاجها قريبا، علما أن عدد الأفلام التي وافقت لجنة الدعم على الانتاج السينمائي حديثا على دعمها تجاوز عشرين عملا. من 150 الى 120 قاعةيُذكر أن عدد قاعات السينما في تونس الى غاية أوائل الثمانينات كان في حدود المائة موزعة بين العاصمة وضواحيها والمدن الداخلية الكبرى مثل قابسوسوسةوصفاقسوبنزرت وباجة وجندوبة والكاف وقفصة إضافة الى بعض المدن الصغيرة مثل الحمامات وقصر هلال وقليبية.. ويؤكد السيد جيلاني القوبنطيني الذي كان يدير أكبر مجمع للاستغلال والتوزيع السينمائي (مجمع القوبنطيني للاستغلال والتوزيع السينمائي)، أن عدد القاعات في تونس الى حدود السبعينات من القرن الماضي، كان أكبر بكثير من الرقم المذكور مناهزا المائة والخمسين قاعة منها أكثر من 40 في تونس الكبرى أي في العاصمة وأريانة وباردو والمرسى والكرم وحلق الوادي وحمام الأنف.
ماذا حدث ؟يجمع المتابعون للشأن الثقافي والسينمائي في تونس أن أولى عمليات غلق القاعات بكثافة بدأت في أوائل الثمانينات مع بداية انهيار النظام في ذلك الوقت وانتشار ظاهرة المضايقات الأمنية أو ما كان يعرف ب«الرافل» الذي حدّ كثيرا من ارتياد قاعات السينما نتيجة خوف الجمهور من الايقافات من قبل أعوان الأمن لأسباب أو لأخرى.
واضطرّ الوضع السياسي والأمني وقتها العديد من أصحاب القاعات الى غلق فضاءاتهم بسبب تدني الايرادات أو المداخيل المالية لانعدام الجمهور وعرفت التسعينات أكبر موجة من عمليات غلق القاعات نتيجة الديون التي كان يعاني منها المستغلون السينمائيون بسبب شحّ العائدات المالية التي شهدها القطاع وقتها وخصوصا في السنوات اللاحقة بعد انتشار التكنولوجيات ووسائل الاتصال الحديثة.
12 قاعة في كامل البلادويبلغ عدد القاعات التي مازالت تنشط بصفة منتظمة اليوم في تونس 12 قاعة منها 10 قاعات في تونس العاصمة.أما داخل البلاد فلم يبق سوى قاعتين فقط، واحدة في سوسة والأخرى في صفاقس، والسؤال أين سيعرض المنتجون والمخرجون التونسيون الآن أفلامهم علما أن نسبة الانتاج السينمائي في تونس مافتئت تتضاعف من موسم الى آخر، وآخرها جملة الأفلام التي حصلت حديثا على دعم وزارة الثقافة مثل الفيديو، و«الدي. في. دي» والانترنيت في ما بعد، والبارابول، أزمة خانقة لم يصمد أمامها إلا المستغلون والموزعون الكبار من أصحاب القاعات الكثيرة فيما اضطرّ أصحاب القاعات الصغرى وخصوصا في المدن الداخلية الكبرى والصغرى الى غلق فضاءاتهم.
ورغم تحرّك الدولة في العهد السابق لإنقاذ ما تبقّى من القاعات بتمتيع أصحابها بمساعدات مالية من أجل تأهيلها والمحافظة عليها، تواصل سيناريو الغلق ليحصد أكثر من 10 قاعات في نفس الفترة وعددها أكثر من العشرين؟أين سيقدم الموزعون السينمائيون الذين يتعاملون مع الشركات الأجنبية، أفلامهم؟أين ستقام المهرجانات السينمائية ومنها أيام قرطاج السينمائية؟ ما هو مستقبل الثقافة السينمائية؟المعروف أن الجهة أو الولاية الوحيدة في تاريخ تونس، التي لم تشهد بعث قاعة سينما واحدة، كانت توزر، أما اليوم، وبعد مرور حوالي قرن من بعث أول قاعة سينما في تونس في بداية القرن الماضي (سينما باتي) فإن أ غلب الولايات أو الجهات بالبلاد بلا قاعات سينما، ماعدا سوسةوصفاقس وأريانة وتونس.