قال الامين العام للامم المتحدة المتخلي ان القوات الأمريكية في العراق «عالقة في فخ» ونصح واشنطن بايجاد الوقت المناسب للانسحاب من دون انحراف البلاد في مزيد من الفوضى... هذا التصريح المفاجئ لرجل كان لا يرفع صوته في وجه امريكا او اسرائىل.. وبقي شاهدا صامتا على كل المآسي والكوارث التي حلّت.. بل زاد طينه بلّة عندما خرجت الى النور ملفات وسخة تشير الى تورط ابنه في ما يعرف «فضيحة النفط مقابل الغذاء» والتي استحوذت عليها القطط السّمان. فهم عنان ان كرسي الأمانة العامة له وحده اما القرار فهو بيد السفير الامريكي لدى الاممالمتحدة وفهم ان المطلوب منه هو ملء الفراغ بالصمت وبالصور البروتوكولية والاعمال الخيرية... لذلك صرف النظر عن الملفات الساخنة والقضايا العالقة وزاد فهرول قبل الادارة الامريكية الى جنوب السودان.. بكى هناك وجال ببدلته الانيقة في البراري وعاد مغبرّا منفوش الشعر ليعلن تدويل حكاية دارفور... وأهمل كارثة وعد بلفور وبحر الدم في عراق المنصور... ولاول مرة في التاريخ اسمع ان جائزة نوبل للسلام تمنح مجازاة للصمت.. كوفي حائز على هذه الجائزة العظيمة جزاء ماذا؟ عشر سنوات قضاها في العمارة البلّورية ولأن العمارة شفافة فلا شك انه شاهد بأم العين هذا الكم الهائل من المظالم والحروب الظالمة... العالم يتعفّن.. العالم صار غير آمن... ومنهم من ينذر بحرب عالمية ثالثة... كوفي عنان رجل طيّب ولكنه ابن هذه المؤسسة العملاقة ولذلك فهو ابن «السيستام» ولا يمكن لموظف مهما ارتقى في السلم ان يغيّر فيها شيئا.. بينما يقدر على التغيير من هو قادم من خارجها.. فالموظف ينفذ ويبقى موظفا ولوصار امينا عاما.. الآن اقول لكم لماذا رفع صوته بعد صمت طويل.. بسيطة: باب الخروج صار اقرب اليه من باب الدخول.. ليس هناك تجديد ولا سلطة للذين يقررون التجديد.. وانتظروه عندما يخرج من المبنى وستسمعون عن نشره مذكرات مدوّية... ولكن بعد فوات الاوان. كوفي عنان رجل طيب ومن بين محاسنه تواضعه ودماثة اخلاقه وزواجه من سويدية متخصصة في القانون وفنّانة وتحمل اسما يشبه اسمه: نان... نان عنان... ولكن هذا حدث قبل فوات الاوان.