كل يوم يشيّع الفلسطينيون قطعا من لحمهم الى القبور.. كل يوم يدفن الفلسطينيون قطعة من حلم كبير. المشيعون الغاضبون يمشون خلف المسافر الى الابد علهم يظفرون ببعض من الارث... والإرث وصية.. مجرد وصية..: «لا تتركوا الحلم يموت».. هنا يمسك الميت بيد الحي ويمسك الحي بقبضة الرشاش.. هنا ينام الغضب في حضن الثأر وينام الثأر في حضن الموت... هنا يشيّعون الشهد بالزغاريد ويبكون على زيتونة اجتثت من رحم الارض.. هنا تدق المسامير في يد السلام كما دقت من قبل في معصمي عيسى... ومازالت مريم الفلسطينية تبكي الى اليوم.. «لا تتركوا الحلم يموت» صرخة تُكتب كل يوم بالاكفان الحمراء... ولا احد يسمع... فلسطين الارض الهاربة... تبدو مع السنين بعيدة بعيدة.. كانت وشاح كتب التاريخ والجغرافيا وكانت خارطتها وشما في قلوبنا وهاهي اليوم مجرد خبر عابر في نشرات انباء تستعجل الوصول الى الاخبار الطريفة... صار شح الماء في المريخ اهم من نزيف الدم في فلسطين... وفلسطين لم تعد مجرد ارض فيها قصص الانبياء والزيتون والليمون... فلسطين صارت الحد الفاصل بين العدل والظلم... بين الحق والباطل.. بين الانسان والوحش... لا تتركوا الحلم يموت... صرخة تشيّد كل يوم قبرا جديدا... ولا احد يسمع.. وشارون يعرف ان الوضع العربي كسيح مُقعد وأخرس وأصمّ ولكنه لا يحتاج الى صاروخ لنسفه..