أعرب خبراء أمريكيون عن اعتقادهم بأن موضوع الطاقة سيكون محورا أساسيا في الحوار بين مرشحي الرئاسة الأمريكية هذا العام حول الاقتصاد والأمن الأمريكي. وقال باتريك دوهيري الخبير في حل الصراعات الدولية أن آراء كل من الجانبين معروفة، ففريق الرئيس الأمريكي جورج بوش ينفي الإجماع العلمي حول زيادة حرارة الكرة الأرضية ويدعو إلى إجراء أبحاث مستفيضة ومدعومة بشأن النفط والفحم والغاز الطبيعي بينما يدعو فريق جون كيري إلى مشروع مانهاتن جديد لجعل الولاياتالمتحدة مستقلة عن نفط المنطقة العربية خلال عشر سنوات عن طريق إيجاد وقود بديل مثل الإيثانول وجعل السيارات أكثر فعالية. ومن بين أمور أخرى فإن خطة كيري ستوجد نصف مليون وظيفة جديدة. ويرى دوهيري أن أهداف كيري تسير في الاتجاه الصحيح ولكنها لا تسير بالقدر الكافي وبالسرعة الكافية. وتشكل واردات الولاياتالمتحدة من نفط المنطقة العربية 17 بالمائة من إجمالي استهلاكها من النفط الخام أو 28 بالمائة من وارداتها، وهذا يعني أن الولاياتالمتحدة ستظل معتمدة على سوق النفط العالمي والذي يعتمد بصورة متزايدة على السعودية وبلدان الخليج العربي الأخرى. وطالما أن الولاياتالمتحدة تحصل على نفطها من السوق العالمي فإنها ستبقى مقيدة بسياسات غير عملية في المنطقة. ويقول ديمقراطيون أن كيري لا يحتاج إلى دراسة المشكلة لمدة عقد آخر من الزمن. فقد تبين أنه قبل ثلاثة أشهر من نشر مكتب التقييمات النهائية بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تقريره الشامل عن الخطر الذي يشكله تغير المناخ، فقد نشر البنتاغون تقريرا آخر بعنوان «استراتيجية إبعاد أميركا عن النفط» الذي أعده معهد أريلنغتون يوضح كيفية وقف استخدام الولاياتالمتحدة للنفط كليا في غضون 15 عاما، وهذا يتجاوز ما يسعى إليه كيري بتخفيض الاستخدام إلى 17 بالمائة خلال عشر سنوات. قضية مصالح ويشير التقرير بوضوح إلى أن اعتماد الولاياتالمتحدة على النفط يؤدي إلى مزيد من الضرر بالمصالح الأمريكية أكبر مما يؤدي إلى الفائدة. ويقول التقرير «إن القضايا الجيوبوليتيكية المرتبطة بالاعتماد الرئيسي على مادة خام يوجد في الغالب في مناطق غير مستقرة سياسيا قد برزت وساهمت جزئيا في حربين في الخليج في الإثني عشر عاما الماضية.» ويذكر أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر كان آخر مسؤول أميركي كبير يعترف قبل 12 عاما أن مشكلة العراق تتعلق بالنفط. أما نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ومستشارة بوش للأمن القومي كوندوليسا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز فإنهم يغيرون إلى الأبد مبدأهم لغزو العراق، ولكن هناك بيانا حقيقيا بأن اعتماد الولاياتالمتحدة على النفط قد لعب دورا في الحربين اللتين شنتهما الولاياتالمتحدة على العراق، وأن كل الذرائع لعملية الحرب على العراق من أسلحة دمار شامل عراقية مزعومة والعلاقة بالارهاب والديمقراطية لم تكن سوى ذرائع واهية. ويقول دوهيري أن فريق بوش يريد تأطير النقاش باعتباره قضيتين منفصلتين: النمو الاقتصادي والإرهاب، وأن بوش بسجله في تحريف الحقائق والمعلومات الاستخبارية لتتفق مع سياسته، فقد اختار مناقشة تتناسب مع أيديولوجيته، ولكنها لا تعكس الحقيقة. فلا يوجد مصدر للنمو الاقتصادي في الأفق مع تجاهل المرشحين العجز المالي الذي يتجاوز الآن 44 تريليون دولار. حيث أن أي نمو يتحقق في الولاياتالمتحدة سيسحق بارتفاع نسب الفائدة بشكل كبير، كما أن الإرهاب، وفق ما يعتقد دوهيري يغذيه الاعتماد على النفط. وتستورد الولاياتالمتحدة نحو 60 بالمائة من إمداداتها من الطاقة، كما أن الشركاء التجاريين للولايات المتحدة من الدول الصناعية وأيضا الصين والهند وكوريا الجنوبية هي أيضا تعتمد على النفط المستورد وهي غير آمنة، فهو يقرر التهديدات التي تواجهها، حالة عدم الاستقرار في المناطق المنتجة للنفط وطرق الإمداد وتذبذب الأسعار وضعف البنى التحتية وندرة الطاقة يعاني منها خمسة أسداس سكان العالم الصناعي، يضاف إلى ذلك، التغير المفاجئ في المناخ. استراتيجية وعندما نشر تقرير التغير المفاجئ في المناخ في شهر أ وت الماضي اتبعت الولاياتالمتحدة السيناريو الأكثر سوءا وهو «العالم المضطرب» فالولاياتالمتحدة متورطة في عملية عسكرية للسيطرة على احتياطيات النفط في مختلف أنحاء العالم وقد دمرت مصداقيتها وارتفعت أسعار البنزين والغاز الطبيعي وارتفعت الاستثمارات في مجال النفط. ويعتقد واضعو التقرير أنه عندما تزداد الأمور سوءا فإن حوادث الإرهاب سوف تزداد كما أن ثقة المستثمرين والمستهلكين ستهبط وستواجه الحكومة الأمريكية زيادة في انبعاث المواد الكربونية مما سيزيد في تغير المناخ. وجوهر الأمر في التقرير هو استراتيجيته لنقل الولاياتالمتحدة من الاعتماد على النفط إلى الاستقلال عن النفط خلال 15 عاما. ويقدم التقرير أدلة للتأكيد على أن المستقبل الآمن هو الاعتماد كليا على الكهرباء وعدم المركزية، والفعالية. وعملية الانتقال تحدث على ثلاث مراحل كل منها خمس سنوات لتطوير تكنولوجيا محرك السيارات من خزان الاحتراق الداخلي. وهذه الخطوات هي الانتقال من النفط إلى وقود جوي مثل الإيثانول إلى الهيدروجين النقي. وتتضاعف فعالية قطاع النقل مما هو عليه الآن بالانتقال إلى أنواع الإيثانول كما أنه يجري تطوير السيارات المعتمدة على أنظمة خلايا وقود الهيدروجين. وقد بدأت أوساط صناعية أميركية هذا المشروع، حيث أن التكنولوجيا متوفرة له. وطبقا لما يقوله خبراء فإن التحدي هو تحويل السوق، والبنى التحتية، ولكن المواقف آخذة بالفعل في التغير. فقد وقعت شركة جنرال موتورز الأمريكية مؤخرا اتفاقية شراكة لمدة عامين مع تحالف عربات الإيثانول القومي».