أن يكون الابداع في كرة القدم رجاليا فذلك من الاشياء البديهية... أما أن يقترن ذلك بالمرأة وتبدع حواء في مداعبة كرة القدم بل ترسم اللوحات الجميلة وتشدّ إليها الانظار فلا يمكن أن نقول إلا «الله يعيّش النساء»... جمعية البريد ببنزرت وفي إطار تنويع أنشطتها بادرت مؤخرا ببعث فرع لكرة القدم النسائية نزولا عند رغبة عدد من فتيات آمنّ بحظوظهن في التألق في رياضة يعتقد أنها حكرا على الرجال... السيد عبد اللطيف التركي مهندس هذه البادرة يقول عنها: «ليس من السهل إعداد فريق لكرة القدم النسائية خصوصا إذا تعلق الامر بفقدان العنصر النسائي الراغب في دخول عالم كرة القدم ثم أن التجارب السابقة لم تصمد أمام بعض العقليات الرافضة بأن تتعاطى الفتاة كرة القدم ولولا حماس اللاعبات وتبنّي جمعية البريد لرغبتهن من خلال توفير متطلبات بعض هذا الفرع لما ظهر هذا المولود»... وما ذهب اليه رئيس الجمعية يتوافق تماما مع ما يخالج ذهن اللاعبة ألفة الدشراوي التي جمعت بين الشهادة الجامعية، وبين الرغبة في اختراق عالم كرة القدم، وتقول: «الرياضة بمفهومها الشامل لم تعد مجزّأة... هذا للنساء فقط... وهذا للرجال فقط... بل يمكن للمرأة أن تذهب أشواطا في رياضات كانت حكرا على الرجال ونحن في جمعية البريد ببنزرت نسعى الى غرس هذا التوجّه لدى اللاعبات»... أما فاطمة بن دحمان (طالبة) فتقول: «لا حرج في أن تقتحم المرأة أسوار عالم الرجل وتنافسه في مداعبة كرة القدم فنحن في زمن لا فرق فيه بين المرأة والرجل إلا بالابداع والتألق في ميادين الحياة»... أريج ميدة (تلميذة) تتساءل عن السبب الذي يجعل الفتاة بعيدة عن تعاطي كرة القدم «التجارب في البلدان الاوروبية أثبتت نجاحها، ثم ان تونس التي بوّأت المرأة مكانة مرموقة قادرة على أن تدفع بالمرأة الى التألق في هذا الصنف من الرياضات ومما يؤمّن هذا النجاح، ذلك الربيع المشرق الذي تعيشه الرياضة التونسية عموما»... إذن تستعد البريديات البنزرتيات بنسق حثيث لخوض غمار البطولة الوطنية لكرة القدم النسائية المزمع تنظيمها في موسم 2005/2004، تحت اشراف مباشر من إطارات رياضية سواء تلك المنتدبة من قبل الجمعية أو برعاية متواصلة من المندوبية الجهوية للرياضة ببنزرت وخصوصا من مصلحة الرياضة النسائية التي تديرها بتألق السيدة فاتن الورتاني... وجمعية البريد ببنزرت التي فاق عمرها ثلاثة عقود ليست غريبة عن مثل هذه المبادرات كما ليست غريبة على التألق والابداع في أكثر من رياضة خصوصا الشطرنج الذي أنجب أساتذة وكرة اليد والكل يذكر أن هذا الفرع صال وجال في القسم الوطني في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات ولعل اسم البرناوي مازال محفورا في ذاكرة عشاق اليد البنزرتية وهو الذي احترف بأوروبا قبل أن يتألق مع المنتخب الوطني، وعندما أقدم البريديون على بعث فرع لكرة القدم النسائية فإن ممهدات النجاح توفرت قبل المخاض، وطموح كل من أريج، وألفة، وفاطمة، ودنيا، ووصال، وشاذلية، سيؤسس حتما لبزوغ شمس كرة القدم النسائية بربوع عاصمة الجلاء...