السيد كوفي عنان يدعو المجتمع الدولي للاستعداد للتدخل... (أحبسوا أنفاسكم).. في دارفور!.. السيد عنان حزّ في نفسه الوضع في «دارفور» جنوبي السودان، حيث تحدّث عن أن المدينة تتعرض إلى مذابح على خلفية مذابح رواندا.... والحقيقة أنّ السيد عنان محقّ في خوفه هذا على سكان «دارفور» وعلى حياتهم... بل هو محق في ندائه ولفت النظر الذي صوبه نحو المجموعة الدولية... أليس هو الأمين العام للأمم المتحدة، ومن المفروض أن كل قطرة دم تسيل من مواطن في الأرجاء الأربعة لهذا الكون، تهمه وتؤرقه وتجعله يبحث عن الحلول ويستحث الهمم... بلى السيد عنان محقّ في خوفه من المجازر لأن ما حدث في رواندا عار على الإنسانية، وما كان لدولة من دول العالم المتقدم أن تنبس بكلمة حول الصراعات في البحيرات الكبرى دون أن تقدم تلك الدول نقدها الذاتي... فقد تركت «رواندا» لأسنان المجرمين يقومون بتصفيات عرقية لا تليق بمشهد عالمي يرنو إلى الانسانية الحقّة وإلى مكانة أفضل لبني البشر... إلى حدّ هنا، نحن نفهم السيد عنان... لكن... لكن الأمين العام للأمم المتحدة، كان سيفهم جيدا وكان سيبدو منطقيا لولا هذه الأمور المتتالية : أولا : كنا سنتفهم دعوة عنان للمجموعة الدولية لو أنه لم يرفقها بفقرة تشير إلى أنه يهيء إلى تدخل دولي في السودان، حين اشترط أن تسمح الخرطوم بوصول المساعدات الى «دارفور» وإلا فإن التدخل «العسكري» الانساني الجبري، سوف يكون البديل... وفي هذا ايحاء للتدخل في السودان بالقوة، وعلى عهد معلوماتنا المتواضعة فإن «حق» أو «واجب» التدخل الإنساني لم يُقرّ كمبدإ في نصوص الأممالمتحدة، بل هو مقترح لا يزال قابعا في أوراق السيد «كوشنار» (وزير فرنسي سابق). ثانيا : التوقيت خذلك سيد عنان. فهذه الشفقة وهذا الحرص على أهالي «دارفور» الذين نقاسمكم الخوف عليهم وعلى كل السودان، جاء متزامنا مع مذابح في العراق... ومذابح في فلسطين... في الفلوجة «سيّد عنان» ذبحت عائلة بأسرها تقريبا، حيث أودت النيران الأمريكيةالمحتلة بحياة 25 فردا من نفس العائلة... ولا نظن «سيدي» أنكم تعتقدون أن هؤلاء كلهم مقاومون أو مقاتلون يحملون السلاح... فقد رأينا جثثهم متناثرة وتسبح في برك من الدماء أطفالا ونساء ومسنين... هذه العائلة «سيّد عنان» انتقلت من منزلها الذي افتكه المحتلون، بحثا منهم عن أمان لم يصادفهم... فلماذا لا تتحدث عن هؤلاء «سيدي الأمين العام»، هل كانت تلك الصور التي تعرضها شاشات العالم والتي تصور بالألوان عذابات العراقيين وتعرضهم إلى مجازر بالجملة، لتغيب عن أمين عام الأممالمتحدة، الذي نعرف جيدا مدى حرصه على الأمن والسلم الدوليين ومدى حساسيته للأوضاع الانسانية في كل المعمورة... ثالثا : اعترف الناطق باسم جيش الاحتلال في العراق، وعلنا بأن القوات الأمريكية تقتل المدنيين العراقيين لأن المقاومين حسب زعم الناطق يلجؤون الى الأحياء السكنية المدنية... أليس في هذا الكلام «سيد عنان» ما ينطبق عليه القول : رُبَ عذر أقبحُ من ذنب؟.... أنصدق «سيدي الأمين العام» أن تكون أنت والقنابل المحرمة (المضيئة) والصواريخ القاتلة والجيش الأمريكي والادارة الأمريكية ومن حالفها. ضد الشعب العراقي؟ لماذا لا تقولون كلمة حق مثلما تقول الآن كبرى الجرائد الأمريكية؟ التوقيت خذلكم سيدي في العراق وأيضا في فلسطين... أيمكن أن تصدقوا أن أهالي «دارفور» يعانون أكثر من أهالي فلسطين والعراق الآن، وقد حوّل المحتلون القتلى في هذين البلدين، إلى أرقام... من كثرة أعدادهم؟ في الفلوجة قتلى ومذابح... وفي «كركوك» قتلى في صفوف متظاهرين غير مسلحين، وفي «جنين» مجزرة فاتت وأخرى على الأبواب، وفي «نابلس» يصرّ الاحتلال على اكمال مجزرة لم تكتمل منذ سنتين في حق أبناء البلد.... ما الذي تنتظرونه من شعبي العراق وفلسطين أضحت المجازر والدماء خبزهم اليومي؟ قولوا ما شئتم في رد قد يأتي وقد لا يأتي عن هذا السؤال، فقط لا تقولوا إن الأممالمتحدة تريد أن تفعل شيئا في العراق، أو هي تريد أن تصنع سلاما في فلسطين قولوا ما شئتم فقط لا تقولوا، إن الشعب العراقي يريد «كذا» ويرنو إلى «كذا» فكل «كذاءاتكم» غير صحيحة، لأنكم لا تعرفون شعب العراق، ولا تفقهون حقيقة الشعب الفلسطيني... فقد أماط المقاومون في الفلوجة اللثام، وأصبح المقاوم يتعامل مع العدو بندية... ورجاء لا تدعو في العراق إلى «ضبط النفس» عندما يقارب الفدائي والمقاوم على الانتصار لأرضه، فقد أطبقت أنفاسنا من المحيط إلى الخليج من خلال «ضبط النفس» في فلسطين، ذاك المفتاح السحري الذي ما إن نطقه أممي أو شخص دولي، إلاّ وكتمت دبابات الاحتلال وصواريخه أنفاس الملايين. ... وكل «مجزرة» والأممالمتحدة «بخير».